قد أعذر وزير الزراعة المهندس سعيد المصري ، وهو يعلن اعتزام وزارته فتح باب الاستيراد من 15 دولة - دفعة واحدة - لتوفير اللحوم الحية والمبردة والمجمدة للحفاظ على ما سماه "توازن السوق" عبر منع الاحتكار ، إضافة الى وصول نحو 20 ألف رأس من الخراف إلى المملكة من أصل 150 ألف رأس ستصل تباعاً حتى شهر تشرين الأول المقبل،.
اقول قد أعذر السيد الوزير ، لأنه إذا "خف" اللحم من السوق أثناء الشهر الكريم ، فسيتعرض الوزير والوزارة للانتقاد ، بحجة أنه لم يوفر ظروف التقوى المناسبة للمواطنين ، كي يؤدوا عبادتهم ليس في الصوم ، بل في التهام أكبر كمية ممكنة من اللحم بأنواعه ، فور أن يعلن المؤذن دخول فترة المغرب ، وبغير هذا ، فسيشعر الصائمون أن صومهم لم يكن كما يجب ، إذ ليس من المناسب أن يصوم القوم ثم يفطرون على بصلة،.
إعلان السيد الوزير يوحي بأننا مقبلون على مجاعة ، أو شهر فجع ، وليس شهر تقشف وصيام وعبادة ، وإلا ما معنى فتح أبواب خمس عشرة دولة مرة واحدة ، كي نستورد منها جميع أنواع اللحوم الحمراء ، الحية والمبردة والمجمدة؟ أتخيل أن نهرا أو فيضانا من اللحوم سيجتاحنا ، ولن نعرف من أين تُؤكل الكتف ، أو أي كتف نبدا بالتهامها ، خاصة وإن الأكتاف ستكون كثيرة ومتنوعة ، ومتعددة الجنسيات،.
إلى ذلك ، حري بنا أن نجهز ما يليق باستقبال مئة وخمسين الف رأس خروف ، من حيث سن ما يكفي من أسلحة بيضاء ، وطناجر و"سياخ شوي" وأرز وجميد وأرز وفريكة ومغارف ، ومفارش بلاستيك ، كي نكون في حالة جهوزية كاملة ، لالتهام هذا الجيش العرمرم من الخراف ، وكي نكون على مستوى هذا الحدث ، كي لا يُقال أننا بوغتنا بهذا الهُجوم الخًرافي والخـُرافي،.
ليتنا نستعد لمعاركنا كما نستعد لولائمنا ، وليتنا نتهيأ لاستقبال شهر العبادة والتقوى والورع كما كان سيد الخلق صلى الله عليه وسلم يفعل ، حيث جاء في الأثر ، أن الرسول - صلى الله عليه و سلم - كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه ، وإذا جاء رمضان أيقظ أهله ، وشدَّ مئزره ، وأقام ليله،،.
(الدستور)