سكجها يكتب عن إعادة انتاج النخبة الاردنية
باسم سكجها
15-06-2021 11:07 PM
كان العام ١٩٨٩ علامة فارقة في حياتنا، وما زلت أتذكّر أننا كنا صحافيين شباباً، نتعرّف ببطء على حياة سياسية مقبلة، كان لها بعدها أن تُنشئ نخبة أردنية جديدة، منها من صار رؤساء حكومات، ووزراء، ومدراء، وقادة مجتمع مدني، وغيرها.
ولأنه لم يكن قبلها عندنا برلمان، لم يكن في (الرأي) قسم يعتني بشؤون الحياة النيابية، فاختارني رئيس التحرير متابعاً لهذا الجانب، إلى جانب زميلي الاستاذ طارق المومني الذي كان حينها في أول درجات صعوده إلى المستويات المتقدمة، فاخترنا أن نجري حوارات مطوّلة مع هؤلاء الذين اختارهم الاردنيون ممثلين لهم، عن مناطقهم، دون أن يكون لهم حضور إعلامي سابق.
كانت حواراتنا مقروءة، لأن الناس حملت شغف المعرفة، وكان من شأن هؤلاء أن يتصدروا المشهد بعدها عشرات السنوات، وعلينا أن نعترف أن تلك الحالة من إعادة الإنتاج السياسي للنخبة، لم تتكرر بعدها إلا بحالات فردية، فالحال تغيّر ولم يعد الممثلون الجدد ممثلين للشعب مع قانون الصوت الواحد سيء الصيت والذكر، وأخذت حياتنا السياسية تجترّ ما أنتجت في تلك السنة الحلوة ١٩٨٩!.
دوام الحال كان السائد عندنا، حتى أننا مللنا تكرار الأسماء التي تسيّدت المشهد، حتى أنّ مصطلح (العقم السياسي) صار متداولاً في الشارع، باعتبار أن كل انتخابات كانت تأتي لنا بجديد سرعان ما يبهت بريقه لأن معدنه ليس أصيلاً، ولأنه ليس ممثلاً حقيقياً للناس.
في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ما يشي بأن هناك نقطة عودة للأصل، حيث تجديد النخبة، وصحيح أن الشباب الذين يشغلون نسبة الربع من تكوينها مختارون، ولكنهم في الحقيقة لم يجدوا طريقهم الطبيعي للوجود في المجلس النيابي، ولن يجدوه مع القوانين البالية، ولكن الصحيح أيضاً انهم وغيرهم قادرون على ذلك بقوانين معتبرة بشكلٍ حقيقي عن المجتمع.
تطلّعت حولي أمس، لأجد شباباً ذكروني بتلك الايام، وذكروني أيضاً بأن الراحل الحسين جمع مرة شباباً، خلال تلك الايام، وكنت منهم، وقال: اطرقوا ابواب المسؤولين، فإذا لم يردّوا اكسروا الاقفال عن الأبواب، وستجدون انني معكم.
في يقيني أن أهم أهداف الملك في تشكيل اللجنة الملكية هو الشباب، واعادة إنتاج النخبة منهم، ويبقى أن على الذين تسيدوا المشهد من داخل وخارج اللجنة أن يفهموا ذلك، ولا أقول أن يتنحوا، بل أن يفسحوا بعضاً من الطريق، وللحديث بقية!