في الدستور الأردني والذي يعد من أرقى الدساتير في العالم نقرأ في المادة ( 6) بأن الأردنيين أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات, والدولة تكفل تكافؤ الفرص لجميع الأردنيين.
ما هو مكتوب في النص الدستوري يناقض ما يطبق على ارض على الواقع, فكل مؤسسة أو دائرة تجتهد في تفصيل القرارات التي تناسبها وتناسب منتسبيها, أو تخضع الحكومة لضغوط مطالب النقابات التي ينتسب لها أعضاء هذه النقابات, فنجد العلاوات والمكافآت تختلف من مهنة إلى أخرى ومن تخصص إلى آخر, ويتعرض في المقابل موظفون للظلم وعدم إعطائهم حقوقهم أو معاملتهم في المثل أو تحقيق المساواة, فكلنا أبناء هذا الوطن, وكل موظف اينما خدم وفي أي مجال عمل فهو يقدم خدمات وانجازات للوطن, وبعد الإحالة على التقاعد المدني لا يطلب هذا الموظف من الحكومة ان تحقق له المعجزات, لكن يبحث عن الإنصاف والمساواة والمعاملة في المثل, هذه الفئة من المتقاعدين قدموا للوطن خبراتهم وافنوا زهرة شبابهم في العمل الحكومي. لذا فان من الأجدر ان لا تنتظر الحكومة من المتقاعدين أن يناشدوها للسماح لهم بالعمل من دون إشراكهم بالضمان الاجتماعي أو السماح لهم بالجمع بين راتب الضمان والتقاعد معا, وهذا المطلب حق من حقوقهم لأنهم أحيلوا الى التقاعد وهم في عز عطائهم وعدد كبير منهم تم إحالته على الاستيداع ويتقاضون رواتب تقاعدية بسيطة لا تكفي حاجات أسرهم خاصة أنهم يتقاعدون بعد ان يكون قد كبر الأبناء وازدادت أعباؤهم واحتياجاتهم واشرفوا على الدخول في الجامعات وبحاجة إلى المزيد من المصاريف.
وبعد,,, مناشدة المتقاعدين من الجهاز الحكومي بالسماح لهم بالعمل خارج إطار الضمان الاجتماعي او السماح لهم الجمع بين راتبين حق لا جدال فيه ومطلب شرعي لانهم عملوا لسنوات طوال واستحقوا الراتب التقاعدي بدل هذه الخدمة الطويله, يحب ان لا نلاحقهم على هذا الراتب والسماح لهم بالعمل إذا وجدوا فرص عمل مناسبة لهم, علما بان الحكومة سمحت في وقت سابق للمتقاعدين العسكريين بالعمل والجمع بين راتب التقاعد والضمان, ولا ننسى المكاسب التي جناها اعضاء مجلس النوب من هذه الازدواجية في المعايير والسماح لهم بالجمع ، ولا ارى سببا منطقيا ومقنعا لعدم مساواتهم بهم وعدم المعاملة بالمثل?! ونتيجة لهذا الظلم يضطر الموظفون المتقاعدون الى البقاء في البيوت, وعدم العمل وهذا يولد التذمر والمعاناة أمام الأبناء والأسر ويشكل صورة قاتمة عند الأبناء عن الإجراءات الحكومية ? ولعلي احذر وأشير الى نقطة مهمة جدا وخطيرة وهي ان نسبة البطالة بين المتزوجين تبلغ (28.6%), فهل قرأت الحكومه هذه الارقام الحكومية?! وبالمناسبة هذه النسبة تعتبر في العرف الاجتماعي مؤشرا خطيرا وحساسا ويؤدي الى مزيد من الكبت والمعاناة وتولد العنف بسبب انعزال الاباء عن التربية لعدم قدرتهم على تلبية مطالب الابناء,وهؤلاء المتعطلون جلهم من المتقاعدين من الجهاز المدني.
مسك الكلام,,, المتقاعدون من الجهاز الحكومي المدني آن الأوان لإنصافهم والسماح لهم بالجمع بين راتبين والاستفادة من خبراتهم وعطائهم لا تعطيلها وتجميدها, وأن حصارهم في بيوتهم هو بمثابة فرض إقامة جبرية, والحكم عليهم بالموت البطيء أو الانعزال عن الأبناء وعدم متابعة تربيتهم وذلك لعدم قدرتهم على تلبية احتياجاتهم,مما ينعكس عليهم أمراضا اجتماعية ونفسية وجسدية ويولد ظهور مشكلات اجتماعية اهمها السلوك العنيف من الابناء والعنف الاجتماعي, ففي دول العالم الأخرى وحتى في بعض الدول العربية الأقل منا فقرا تعمل على خلق فرص لهم لمساعدتهم في التواصل مع الآخرين ومنحهم الإحساس بالمعنى وأنهم لا يزالون خميرة الوطن وملح الأرض.
ohok1960@yahoo.com
الكاتب: اكاديمي ، استاذ مشارك - تخصص علم اجتماع