"حق الناس" .. هو حل اللغز إذن!
نشأت الحلبي
30-05-2010 12:27 AM
لم استطع أن أقاوم "تلاطم" الكلمات في "مخيلتي" كما تسونامي، وعصفها بأفكاري ليل ونهار بعد أن قرأت القصة ..
قصة "هفوة" أول رئيس للولايات المتحدة الأميركية، جورج واشنطن"، حيث نسي أن يعيد كتاب الفيلسوف السويسري "ايمير دو فاتيل" الى مكتبة "نيويورك سوساييتي لايبريري" بعد أن "اصر" متحف ماونت فيرون" على إعادة الكتاب،، عاد الكتاب الى رفوف المكتبة..
قرأت القصة، وبدون أي تفكير، كانت ردة فعلي الأولى بأن أصرخ عاليا :
هذا هو إذن سر أميركا ..
إنه "حق الناس" ..
عادت بي الذاكرة الى ما قبل ثلاث سنوات ونصف تقريبا عندما قدر لي أن أزور أميركا، وتحديدا ولاية نيويورك، وبشكل خاص مدينة "روكلاند" ..
وفي إحدى الليالي، إصطحبني مضيفي الى مكتبة المنطقة التي يعيش فيها، وقبل أن نصل سألته إذا ما كان ينوي حقا زيارة المكتبة، فقال لي أنه درج على هذه العادة لإستعارة الكتب أحيانا، ولإستعارة أشرطة فيديو و"سي دي" لمشاهدة أفلام معينة أحيانا أخرى.
لا أخفي أنني "تفاجأت" لأن هكذا عادات أشعر وكأنها إنقرضت في عالمنا "نحن"، فلم يحدث أن سمعت أن لكل منطقة "مكتبة"، والأهم، أنني لم أعلم في حياتي بأن الحكومة "توفر" للناس أشرطة افلام ليشاهدوها بـ "بلاش" ..
وقبل أن نصل ، شعرت بان القصة ستكون ابسط مما تخيلت، فلن يكن هناك في أحسن الأحوال أكثر من "5" أشخاص مثلا أو أقل أو أكثر بقليل ..
وصلنا المكتبة، وسألته إذا ما كان هذا "الباركنك"، أي مواقف السيارات، خاصة بالمكبتة،، فأكد لي أنها كذلك ..
وسؤالي كان طبعا بسب أنني وجدت كثيرا من السيارات أمام المكتبة، وأن المبنى نفسه ضخم ويسع المئات، وليس العشرات فقط كما كنت قد فكرت ..
وعندما دخلت، وجدت عشرات الأشخاص يقرأون، ومثلهم يبحثون بين أشرطة الأفلام،، فأدركت حينها بأننا، وهم، لا رابط، ولا روابط، ولا، ولا ، ولا ، ولا ... إلخ من اللاءااات..
.. أحسب أن جورج واشنطن كان في يوم أن إستعار ذلك الكتاب، كان واحدا من هؤلاء الناس، ولا أعرف إذا ما كان قد جاء الى المكتبة صاحبة الكتاب بسيارته أم بـ "قطار الشعب"، وأحسب أنه بحث بين الأفلام، وبين رفوف الكتب، لعله يجد ضالته بين صفحات كتاب، ولأن الرجل كان يبحث وفي مخيلته "العالم الجديد" كما أطلق على أميركا مكشتفها "كريستوفر كولمبوس"، فإن "جورج" إختار أن يقرأ "حق الناس" لأنها ضالته التي كان يبحث عنها، لتكون دستور هذا العالم الجديد ..
لم أقرأ الكتاب طبعا، لكنني حاولت، ولربما هذه سابقة في التاريخ، كتابا من الخارج قبل أن أعرف ما يدور في داخل صفحاته ..
.. ولعلني قرأت،، وعرفت ..
عرفت، وبدون أي مجال للشك، أن ذلك الفيلسوف السويسري قد كتب كيف يمكن أن تتحول من "عبد" الى "حر" ..
وكيف يمكن أن تكون عظيما بمجرد أنك تنتمي الى أمة ما ..
وكيف يمكن أن تصبح رئيسا بعد أن كان أجدادك هم العبيد ..
وكيف يمكن أن "تصبحي" ملكة جمال أمة بعدما أتيتي إليها مهاجرة ..
وكيف يمكن أن لا يضيع حقك ما دام أنك به مطالب ..
وكيف يمكن أن يُسخّر كل ما على الأرض وما في باطنها لخدمة شخص كما هو لخدمة أمة كاملة ..
وكيف يمكن أن تصرخ و "تبق" كل ما "زورك" دون أن تُزجّ في غياهب السجون ..
وكيف تكون الحرية ..
وكيف تكون العدالة ..
أحسب، أو أكاد أجزم، أن هذا ما قرأه جورج واشنطن، وهو ما كتبه "فاتيل" ..
وهو ما تعيشه أميركا الآن ..
Nashat2000@hotmail.com