في التربية المدنية والسياسية ..
د. أدب السعود
14-06-2021 02:19 PM
أقوم بتدريس مساق التربية الوطنية والمدنية، ومساق أساليب تدريس التربية المدنية في الجامعة، ويتضمن كل منهما فصولا عن الأحزاب، ومنظمات المجتمع المدني يتم تناولها بحسب وصف المساق وأهدافه والنتاجات العلمية المتوقعة وفقا لخطة المساق،
وفي كل مرة أتبادل والطلبة طرح الأسئلة حول الانتماء الحزبي، فأجيب طلبتي بأنني لست حزبية، فيتفاجأون بالإجابة بسبب تأكيدي على أهمية الأحزاب في بناء الحياة السياسية وصولا إلى تطوير الحياة العامة وتحقيق التنمية المستدامة.
الحقيقة أنني مثل أغلبية الشعب أؤمن بأهمية الأحزاب ومنظمات المجتمع في تطوير الحياة العامة،، وفي نفس الوقت نقف على الحد الفاصل بين الاحجام والإقدام ولأسباب موضوعية تتعلق بتجربة الحياة الحزبية سواء من جهة الحزبيين،أو من جهة الدولة وطرق تعاملها مع الأحزاب،
فالدولة تتحدث ليلا نهارا عن تفعيل الأحزاب وضرورة اندماجها في تيارات محددة ليسهل التعامل معها وفي نفس الوقت تضع قيودا على من يشارك بها يمتد أثرها إلى الأقارب وإلأصهار والأصدقاء،،
أما الأحزاب نفسها فتتصف بالفردية والنفعية والاستبداد ،،ويبقى معظم من هم على رأسها في مناصبهم ولا يمارسون تداول المواقع فيها،،وهم من يحصلون على المكتسبات والمنافع باسم الحزب ،،ولا يسمحون لغيرهم ولا يتزحزحون إلا في حالة الموت أو الانشقاق،،
أما منظمات المجتمع المدني (جمعيات،مراكز دراسات) فليست بأفضل حالا ،،فبعضها أصبح وسيلة لتأسيس أعمال تجارية تحت عناوين خيرية،واجتماعية،وإنسانية وغيرها، وأصبحت سيوفا موجهة إلى أصحاب القرار ،ولديها القدرة والإبداع على إخراج النتائج بالشكل الذي تريده ويحقق مصالحها،،مما جعلها مصدر إزعاج لبعض دوائر القرار التي تبادر لاسترضاء واحتواء أصحابها حتى تأمن جانبهم،،،
ومما يؤسف له أن كثيرا من الفئات السابقة أصبحت تستخدم مصطلحات جميلة وبراقة وخطابات متنوعة ومتناقضة بحسب الجهة المستهدفة ، فخطابها الموجة للشارع،يختلف عن الموجه للدولة(الرسمية) ويختلف عن الموجه للخارج وخاصة الجهات الممولة،، وغالبا ما تكون الرسائل استرضاء للجهات المانحة (داخلية،خارجية)،، ولا يتوقف هؤلاء عند تحقيق الشهرة والثراء،بل يبقون (يقاتلون) من أجل الحلول في المناصب العليا واعتبار ذلك استحقاقا ضروريا،،و(إلاّ)؟؟؟!!!
حاليا، لا نملك ترف الوقت لندخل في دوامة الجدل العقيم حول مفردات الإصلاح الكثيرة والتي يفترض أننا تجاوزناها منذ عقود عندما نتحدث بفخر عن إنجازاتنا السياسة،،لأن العودة إلى المربع الأول لا تدل على الاهتمام بالموضوع بقدر ما تشير إلى حجم الانتكاسة السياسة التي وصلنا إليها،وما قد يترتب عليها من انتكاسات ارتدادية في مجالات أخرى تدخل في مجال (الزلزال الإصلاحي) ؟؟
في حالتنا الراهنة لا يحتاج الإصلاح إلى كل التعقيدات التي ندخل أنفسنا فيها يوميا،،فالأمر ليس معقدا كما يظن، لكنه يحتاج فقط إلى إرادة قوية ونوايا صادقة وأيدي نظيفة،،
«والله من وراء القصد»