يعيش الاردنيون حالة من انفصام في المشاعر والرؤى ما بين التفاؤل والتشاؤم على اثر تشكيل فرقة الاصلاح، التي على الاغلب ستنقسم بدورها الى كتائب متخصصة للعمل والنهوض والسير حسب التوجيهات الملكية للوصول الى تقديم مرئياتها والخروج بقوانين من صُلب العمل السياسي وتحديداً قانون الانتخاب وقانون الأحزاب، وكذلك التعديلات الدستورية الضرورية للموائمة بين هذه القوانين المنتظرة ونصوص الدستور.
أما مبعث التشاؤم فيعود الى التجارب السابقة للجان تشكلت وعملت وذهبت مخرجاتها أدراج الرياح، ومثالها الاجندة الوطنية والتي حُفظت اوراقها ونقاشاتها في الأدراج، والبعض يقول ان المسألة ليست مسألة تعديل او الخروج بقوانين مثالية، وإنما المطلب يجب ان يكون تطبيق القانون وعدم اختراقه او لويّ عنقه بالانظمة الصادرة بموجبه، وما زلنا نذكر احد رؤساء الوزارات السابقين الذي اعترف صراحةً على احد الصحف المحلية بتزوير الانتخابات رغم نزاهة القانون.
مبعث التشاؤم الثاني، فهو أنه وبالرغم من وجود عدد من الذوات ذوي الكفاءة والمهنية في صفوف جيش الاصلاح الجرار، الا أن اللجنة ضمت ايضاً عدداً وإن كان قليلاً ليس بينه وبين الاصلاح او الثقافة او القانون الا العداء والثأر، والقول أن هناك حزبيون ويساريون ومناصرين للدولة المدنية وممثلين عن الحركات الاسلامية وخبراء حقوق الانسان ليس دقيقاً تماماً، ولا نريد أن نذكر اسماءً بعينها كان يجب أن تكون حاضرة بهذه اللجنة، نضرب مثلاً وليس حصراً ، فخبير في مسألة حقوق الانسان كالدكتور موسى بريزات، وحامل لواء الدولة المدنية الدكتور مروان المعشر، وقانوني مقتدر بحجم صالح العرموطي، وهذه الاسماء كانت على الدوام لها رأي ورؤية اصلاحية تستحق المناقشة والنظر فيها.
أما مبعث التفاؤل، فإنه وعلى ضوء ما مرت به البلاد في السنوات الماضية وعلى ضوء حالة الضنك والاحتقان التي تعيشها البلاد، ويعاني منها العباد، فإن الوضع لم يعد قابلاً للارتكان الى مورفين التخدير والتأجيل، وهي ربما تكون فرصتنا الأخيرة للخروج من حجم الاهوال وسوء الاحوال التي تحيط بنا، وبناءً على كل ذلك فإن الناس متفائلون بأن جلالة الملك وحكومته تدرك ذلك وهي جادّة بذلك، سيما وأن المادة الخام لتصنيع مخرجات تليق بالاردنيين موجودة في الاوراق الملكية النقاشية، وما على المصلحين الكبار الا ترجمة هذه الرؤى الى تشريعات نزيهة ومستقلة، تبعث الحياة الحزبية والديمقراطية وتضمن انتخابات حرة لنواب لديهم فكر حزبي ومزودين بخطط ومحكومين بمدونة سلوك تمنع التنفع والسعي وراء المصالح الشخصية.
بالختام، دعونا نرجح جانب التفاؤل، فالضامن هو الملك وليس لنا الا ان ندعُ لهذه الكوكبة ورئيسها بالتوفيق والنجاح، وننتظر المائة يوم وبنفس الوقت نحذر من ضياع هذه الفرصة، لعل طاقة الفرج التي طال انتظارها تنفتح، ولعلّ هذا الوطن الذي عانى في السنوات الاخيرة ويعاني الان يصل الى بر الامان.