ليس الأمر بالصعوبة التي تتوقع، فما عليك سوى التعاقد مع مستشفى محترم، حيث يحدّد لك الاختصاصّيون جدولا ً زمنيّا ً بالعمليات الجراحية حسب اللوائح والتعليمات المتفق عليها، وبأفضل المواصفات العالمية.
في العملية الجراحية الأولى يُحدثون لك فتحة مؤقتة في البطن، ويشرعون فورا ً في استئصال أجهزتك الداخلية ... الزائدة الدودية، الكبد ومخلوقه الأخضر الصغير، البنكرياس، الطحال، وتلك الغدد القابعة بوقار مزيف فوق الكليتين.
بعد ذلك يشرعون في استئصال الجهاز الهضمي على مراحل: المعدة، الاثني عشر، الأمعاء الدقيقة، المستقيم، القولون، كما يستأصلون أيضا الجهاز البولي والمثانة، وكلّ تلك القنوات اللعينة التي لا هم ّ لها سوى تحويل الماء القراح والمشروبات الثمينة إلى بول نتن.
الآن، صار كرشي طبلا ً فارغا ً، حتى أكاد – حين أتجرّع السوائل-أسمع صوت قطرات الماء وهي تصطدم برقّة في بطانة مؤخرتي، محدثة دويّا ً جميلا ً، مثل ذلك الدوي الذي نسمعه عند إلقاء الحصى في بئر عميقة.
فوائد جمّة اكتسبها جسدي الموقر جرّاء هذه العمليات، وأنصح كل واحد منكم أن يخضع لها، دون أن يخشى المضاعفات، فهي غير موجودة أصلا ً.
تأكدوا أيها السادة بأنه لن يأتي ذلك الزمن السعيد ... زمن العولمة بلا مشاكل إلا وتكون هذه العمليات تجرى مجانا ً للجميع، على حساب الدولة أو من ينوب عنها، وسوف تكون العمليات سهلة ومأمونة كالطهور أو أكثر أمانا ً. وسوف تمسي أوسخ شتيمة تطلقها في وجه مواطن هي بأن تنعته بأبي الاثني عشر أو ابن البنكرياس أو صاحب الكبد.
وليس آخرا ً،
هل خطر ببالك عزيزي، التساؤل حول سبب عدم استئصال القلب والرئتين والدماغ وكائنه المشاغب (الضمير)؟ ... والحقيقة أنني طلبت ذلك من المندوب القيام باستئصالها، لكنه أكد لي وهو يطبطب على كتفي، بأنّ العلم الحديث لم يتمكن بعد من الإبقاء على الإنسان حيّا ً وصالحا ً للاستهلاك بدونها. لكنه أكّد لي، أيضا ً، بأنّ هذا الأمر سوف يحصل قريباً ... قريبا ًجدا.
من كتابي الجديد «البالون رقم 10»)
الدستور