منذ طرح الملك أوراقه النقاشية للحوار كان يتبنى خطوات جدية للإصلاح السياسي لكن فعاليات المجتمع لم تدخل في عمق النقاش وبدلاً من ذلك ذهبت في اتجاه آخر.
حتى الحكومات المتعاقبة تعاملت مع هذه الأوراق مثل مبادئ عامة لا أكثر حتى أن إحدى الحكومات كانت تحمل تفويضاً صريحاً بالإصلاح السياسي، ولكنها اكتشفت في أن الأولوية يجب أن تعطى للإصلاح الإداري.
في كل كتاب تكليف لحكومة كان هناك تشـديد صريح على الإصلاح بشقيه السياسي والاقتصادي وبينما كان الملك يتحدث عن الإصلاح بفرعيه كانت الحكومات تبدل أولوياتها فمرة تختبىء خلف السياسي ومرة خلف الاقتصادي، ولولا أن صندوق النقد مثل عاملا ضاغطاً لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية لما اقدمت عليه الحكومات!.
في كل جواب على التكليف كان الرئيس المكلف يحشد كل ما أمكن من عبارات تتغنى بالإصلاح الاقتصادي والتنمية السياسية وإزالة العوائق والاختلالات، ولكن شيئاً من ذلك لم يتحقق، ولا يجب أن نغفل تفاوت ردود فعل البرلمانات المتعاقبة فبعضها كان يعرقل واخرى كانت تتحمس من قبيل الاستعراض السياسي والحماس.
الإصلاح السياسي يحتاج لإرادة سياسية وها هي هذه الإرادة الموجودة أصلاً تتجلى في أعلى مراتبها.
الإرادة السياسية واضحة، وكانت موجودة في كل كتب التكليف المتوالية، فأين كانت العراقيل!.
عرقلة الإصلاح، بحجة المحافظة على الاستقرار، كلاشيه لم يعد ينفع لأن الخوف من التجريب لا يصنع تقدماً.
هذه المرة نأمل أن تكون عملية الإصلاح السياسي جذرية وشاملة دون أية حجج مثل حل القضية الفلسطينية، والاستقرار في المنطقة.
الإصلاح السياسي يجب أن يمضي قدماً جنباً إلى جنب مع الإصلاح الاقتصادي فهما عنصرا قوة لبلد محدود الموارد.
يحتاج الأمر إلى اتخاذ القرارات الصعبة. وللتفهـم الشعبي والدعم النيابي والإعلامي، وبانتظار ذلك من المفيد أن تظل اللجنة الملكية المكلفة بملف الإصلاح تحت الضغط كي تنجز عملها بتوافق.
اللجنة أمام تحد واعضاؤها مكلفون لا مشرفون.. وبعد تلقيهم التهاني! يتعين عليهم الالتفات إلى جدية المهمة.
الرسالة الملكية لرئيسها سمير الرفاعي حظيت بترحيب كبير للأسباب التالية:-
أولاً: الثقة بجدية التوجهات خصوصاً وأن الملك تحدث بعمق أكبر حول ضرورة الإصلاح السياسي ومهد لذلك عبر لقاءاته التي سبقت تشكيل اللجنة مع شخصيات وطنية من مختلف مناطق المملكة ومن مختلف الاتجاهات السياسية والاجتماعية.
ثانياً: كفالة الملك لتحقيق توصيات اللجنة ما تذهب الشكوك من أن توصياته سيكون مصيرها كمصير توصيات اللجان السابقة.
ثالثاً: التنوع اللافت الذي ميز اعضاء اللجنة فهي من مختلف المشارب السياسية والاجتماعية.
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي