من الطبيعي أن تُقابل اللجنة الملكية الجديدة برفض وقبول، ومن الطبيعي أكثر أنّ المزاج الأسود الذي يحكمنا جميعاً سيلقي بظلاله على الآراء حولها، ولعلّنا لو لم نكن من أعضائها لجعلنا بعض السخرية تسري بين سطور الكلمات، فنحن في أول وآخر الأمر أردنيون غاضبون من سنوات صعبة، لم تبدأ من كورونا، ولن تنتهي معها.
وسأحاول، في مقالتي هذه، أن أتحلّل من كوني عضواً، لأكتب عن بُعد، ومن بعيد، دون أن أنسى، أنه كانت لي غير تجربة في لجان مشابهة، وإن كانت تحت عنوان مختلف، أو أن أتناسى أن تجربتي في الحياة العامة طويلة، قد تؤهلني لابداء رأيي هنا، وداخل اللجنة أيضاً، وأكثر.
النظرة الأولية للأسماء، التي تكوّنت منها، لا تشي بأنّ أحداً منهم نزل بالمظلة (البراشوت)، فالجميع يحملون تجاربهم الحياتية والسياسية المؤثرة، ومنهم من الشباب الذين اثبتوا وجودهم، ومن الواضح أن هناك مستقبلا وطنياً واعدا بانتظارهم، وأكثر من ذلك فالجهة التي ظلّت مستبعدة ومحاربة منذ عشرات السنوات، (الاخوان المسلمون) موجودة وبتمثيل واضح أنه منسّق سلفاً، حتى أن هناك من علّق على تصريحات السيدة ديمة طهبوب عن اللجنة بأنها بدت ناطقة رسمية بلسانها!
ليس لنا أن نتخيّل أن لجنة ملكية ستخلو من أسماء وزراء وأعيان سابقين، وهذا ما حصل، ولكنه تمثيل بدا وكأنه يأخذ اعتبارات التوجهات السياسية المتباينة، أمّا الوزير الوحيد العامل فقد حصد الرقم الأول، دون تسميته، باعتبار أنه ضابط ارتباط مع الحكومة، وباعتبار وظيفته فحسب، ولنا أن نحسب أن دوره سيكون نقل تفاصيل ما يجري داخل اللجنة الى الدوار الرابع، وتدخلاته ستكون في الحدود الدنيا!
التفويض الملكي واضح، دون مواربة: إنتاج قانوني إنتخاب وأحزاب، يمثلان المجتمع، والتفويض الملكي واضح أيضاً حين وضع للأمر توقيتاً لا يتعدى الاربعة أشهر، وإذا كانت الرسالة الملكية لم تتحدث عمّا سيجري بعد الخروج بالقانونين اللذين لن تتدخل الحكومة في ادنى تفاصيلهما، فلنا أن نذهب الى التحليل: الكرة ستكون أمام مجلس الأمة، في الدورة العادية، ليقر القانونان الجديدان بعد الدراسة، وهكذا فنحن امام مرحلة جديدة أهمّ استحقاقاتها الانتخابات النيابية على الأسس المقرة في هذين القانونين!
نحن لا نرجم في الغيب، ولكن هذا ما نتوقعه بالتحليل، فما بين الآن والسنة المقبلة سيكون حافلاً بتباين الآراء، وتوافقاتها، فالوصول إلى نقطة النهاية حيث القانونين المقصودين يكاد يكون الأصعب، ولا نقول: مستحيلاً، لأن هذا هو المطلب الوطني منذ العام ١٩٩٣، حين أقرّ قانون الصوت الواحد وأدخلنا (في الحيط)، وفي حالة ارتباك سياسي ما زلنا نعاني منه حتى اللحظة.
الحديث طويل، واختصاره الان واجب، فبقي أن نقول إن هناك من الكتابات الظالمة التي نالت رئيس اللجنة السيد سمير الرفاعي، وضربته في الخاصرة، ولأنني أعرفه تماماً، وأعرف أنه يكبر على الجراحات من أجل النجاحات، أقول إنه لا يستأهل سوى الإحترام، دون إنتقاص حق أحد من النقد المنتج، وبقي أيضاً أن هناك الكثيرين الذين كتبوا إنها لجنة سمير الرفاعي، فإذا فشلت فشل هو، وإذا نجحت فالنجاح للأعضاء، وفي حقيقة الأمر فهي ليست كذلك: إنها لجنة ملكية ورئيسها هو عضو كما غيره، وبعيداً عن موني عضواً فيها أقول: ممنوع الفشل، وللحديث بقية!