لماذا الاصلاح السياسي من ركائز الامن الوطني ؟

ان وجود الفراغ السياسي في الدولة يعني انه قد تسود حالة من التهميش لقطاعات مجتمعية واسعة او لقيادات مؤثرة في الرأي العام او لاصحاب الفكر والمبادرة المجتمعية والشباب وعدم قدرتهم على التأثير في صناعة القرار وصياغة خطط الاصلاح والتنمية والتطوير وان هناك غياب للقنوات والادوات التي تقود برؤيتهم ورأيهم للسلطة مما قد يغيبهم او يحرمهم من فرص المشاركة في المناصب القيادية والرسمية في الدولة وكذلك انحسار تلك المراكز القيادية على قوى تستند في حضورها على الساحة الوطنية وفقا للقبلية والعشائرية او المال او التوريث وما الى غير ذلك من معايير جهوية ومناطقية او فئوية وهذا لا ينسجم مع توجهات الدولة في سعيها لتحقيق التنافسية مع دول العالم التي تتسارع فيه المتغيرات وسباق الحضارات.

وقد تكون مخرجات تلك الحالة وجود قوى في المجتمع تشعر بالاغتراب وغياب حضورها الفاعل عن الساحة الوطنية او ميادين المشاركة في مراكز القرار وتنسحب تلك الحالة من اللاسياسية على تشكيل المجالس النيابية وغيرها لعدم امتلاك تلك القوى الادوات المؤثرة في الترشح كالثقل العشائري او المالي او اللوبي بكافة اشكاله الاسرية والفئوية والصداقات والعلاقات والمصالح وغيرها.

وامام ذلك الواقع تبرز هنا وهناك جماعات بعضها غاضب وبعضها رافض تنادي بالاصلاح والعدالة والانصاف وتلقي بظلال همومها على عشوائية الاختيار لصناع القرار وان مشكلات وطننا سببها استحواذ فئات وجماعات على السلطة وتفردها بالثروات والمكتسبات وعلى حساب المصلحة العامة وانحسار ادوات التغير بايديها وهذا قد يفضي بالوطن الى حالة من عدم الرضا الشعبي الذي تقوده تلك الجماعات
وفقا لطروحاتها وخلق حالة من التشكيك في سياسات الدولة ولتصنع بيئة اجتماعية حاضنة لهم في نقدهم اوتجريحهم لتلك السياسات ونتائجها.

ومن هنا يصبح الاصلاح السياسي ضرورة وطنيه ومن دعائم الامن الوطني بما يتيح مجالا اوسع للمشاركة المجتمعيه في الحياة السياسية وخاصة الشباب الذين يفتقدوا اي من المقومات التي تعطيهم الفرصة في المشاركة السياسيه سوى انهم اصحاب مطالب وطاقات وقدرات لا اثر لها في موازين القرار لابد من تطوير للقوانين والانظمة والتشريعات بما يمكن تلك الجماعات من التعبير عن رأيها واستيعاب مطالبها وتطوير القنوات والادوات الحوارية معها والاخذ بحجتها واحتجاجها من خلال عمل الدولة على خلق احزاب سياسية فاعلة تعبر من خلالها عن برامجها ووجودها كما انه لابد من ازالة العقبات واتخاذ القرارات التي تتيح المجال للاستثمار بقدرات
هائلة دفينة بين قطاعات مجتمعنا قادرة على احداث التغير نحو الافضل.

وبروح من المسؤولية الوطنية والعطاء المنتج لوطننا ان الاصلاح السياسي يقود الى تحقيق الاصلاح الاداري والتنموي وتطوير للاقتصاد والتعليم والصحة وغيرها مما تكون نتاجه تدعيم السلامة والامن الوطني والسلم المجتمعي.