العمل العام وتولي المناصب القيادية وإدارة شؤون الناس والتصدي لمشكلاتهم ومعالجتها ووضع الحلول هو مسؤولية كبرى وأمانة عظمى وتكليف وليس تشريفا نباهي به الناس ونجلس في برج عاجي نتفاخر بالمنصب ونزاود على الموقع ونتباهى ونفتخر بالامجاد ونغض الطرف عن الإنجاز ونحتال على الاخفاق ولا نقر بالأخطاء ويضيق صدرنا بالنقد ونطلب تكميم الافواه بحجة اغتيال الشخصية او النيل من كرامة صاحبها.
ان التصدي للعمل العام لا يتأتي لناقص او جاهل او غبي وإنما يفترض ان يوجه للشخصيات الحاذقة التي تتمتع بالخبرة والدراية وكفاءة المؤهلات وعلو القدرات مشفوعة بالقدرة على الأداء والعطاء والإنجاز بموضوعية ونزاهة وحيادية لا يؤخذها في الحق لومة لائم ولا ترضخ ولا تنحني للوساطات والمحسوبيات وتتقي الشللية والمصلحية والسواداوية والخجل والحياء في احقاق الحق وابطال الباطل بعيدا عن أي مؤثرات خارجية.
ان من يتصدى للعمل العام عليه أن يكون مدركا ان عمله مراقب ومتابع من الجهات المسؤولة ومن الناس وان اداءه يخضع للمتابعة والتقييم وان حركاته وسكناته محسوبة عليه وانه سيتعرض للنقد والتعريض ان لم يحسن التصرف ولهذا ينبغي عليه أن يشرح صدره ويفتح قلبه للنقد والتقييم والتغيير وان يبالي بما يقوله الناس ولا يصم أذنيه ويغلق عينيه ويتهم الآخرين باغتيال شخصيته ويلجأ إلى الغضب ورفع الدعاوى وإطلاق الشكاوى وإنما عليه حسن النظر وطيب الاستماع للملاحظات والانتقادات وان يرد عليها ان كانت مجافية للصواب وان يبرر مواقفه ان كانت صحيحة وتصب في مصلحة الناس وان يعدل عن راىه اذا كان مخطئا.
ان المسؤولية العامة ليست ترفا ولا شرفا بل أمانة في الاعناق تؤدي دون منية وفضل.