المجدُ للرّصاصةِ الأولى... المجدُ ... كلُّ المجدِ لراميها ... المجدُ لمَنْ ثارَ لحمايةِ الدّارِ ... إذِ ادّعى اللّصُّ أنّهُ حاميها ...
المجدُ للجُندِ، للأحرارِ، لكلِّ مغوارٍ، باعَ الثّمينَ الغالي ليشريها ...
المجدُ للقلمِ، للطّبشورةِ، للقرطاسِ، للّوحِ، لكلّ مَن أضاءَ بالعلمِ نواحيها.
ما كانَ ولاؤُنا للعرشِ إلّا انسجامًا معَ نداءٍ من أعماقِ الرّوحِ، يُوثّقُ أواصرَنا ببيتِ النّبوّةِ، الدّوحةِ الهاشميّةِ الشّريفةِ، الّتي تشرَّفْنا بالالتفافِ حولَها، منذُ بزغَ فجرُ أمّتِنا؛ لحملِ الرّسالةِ الخالدةِ، لا يَثنينا عنْ حبِّها حدثٌ عابرٌ، ولا حجرٌ عاثرٌ، ولا عدوٌّ غادرٌ، واثقينَ بما عهدْناهُ عنْها، وما رأيْناهُ منٔها، مؤمنينَ بما خصّها بهِ اللّٰهُ تعالى منْ نُبلِ السّريرةِ وطهرِها، إذ قالَ في محكمِ تنزيلِهِ الكريمِ:{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ( الأحزاب : 33 ) }، وليسَ أدلَّ على هذا منْ تاريخِهم النّاصعِ المشرقِ، الّذي يشهدُ له القاصي قبلَ الدّاني، والعدوُّ قبلَ الصّديقِ، دعاةَ محبّةٍ وسلامٍ.
نُجدِّدُ البيعةَ صلبةً نقيّةً منْ كلِّ رجسٍ، ونُعيدُها سيرَتَها الأولى، من عهدِ الرّعيلِ الأوّلِ، لِجدِّكَ الأوّلِ طيّبَ اللّهُ ثراهُ، نسيرُ في قافلتِكَ، نَحدوها بالأرواحِ، ونفديها بالصّدورِ، ونحملُ عرشَك في قلوبِنا، وعلى أهدابِنا، ونُخلّدُهُ فوقَ سطورٍ ممتدّةٍ من الوريدِ إلى الوريدِ، ونعقدُ عليكَ الآمالَ حرًّا من سلالةِ أحرارٍ، قلّدَتْهُ زمامَ الأمورِ؛ لِيُتابعَ رسالةَ الهاشميّينَ الشّرفاءِ، فجمعَ حولَهُ القلوبَ تَنشدُهُ قائدًا وقدوةً، وتُنشِدُهُ في أعراسِ ديارِنا العامرةِ بالقوافي صادحةً بلسانِ الشّاعرِ الجنوبيِّ:
"يا سيِّدًا أسلَمتْكَ الصّـيدُ رايتَها تفنَّنَ الشّعرُ في لُقيـاكَ واحْتَرَفا
يا سيفَ مؤتةَ يا طيّارَ حَوْمَتِها افردْ جناحيْكَ، قلْ لِلضّفّتَيْنِ: قِفا".
كلُّ عامٍ وأنتَ بهجةُ أعراسِنا الوطنيّةِ، تزهو بكَ عُرسًا عُرسًا، كلُّ عامٍ وجنودُكُ منْ رفاقِ السّلاحِ والقلمِ حولَكَ، متجذّرينَ في هذهِ الأرضِ أوتادًا، لا تُزعزعُهم ريحٌ، ولا يضيرُهم قبيحٌ، كلُّ عامٍ وهذا الوطنُ صامدٌ صابرٌ مرابطٌ، يُسجّلُ الأمجادَ على كلِّ صفحةٍ سوداءَ مرَّ بها بأحرفٍ منْ نجومٍ.