بعد انتهاء التحضيرات الامنية التي سبقت مناخات التغيير في بيت القرار الاسرائيلي والتي تمثلت بدخول ديفيد برنيع بدلا عن يوسي كوهين في الموساد واعادة تموضع طالت اجهزة الشين بيت وامان بدأ البرنامج السياسي للمشهد الاسرائيلي يتضح اكثر وهو يقبع الآن بين مسارين احدهما ينادي بتقديم العلاقة الاستراتيجية الأمريكية الاسرائيلية على حساب اجندة العمل الذاتية الاسرائيلية آخر يقوم على العكس حتى بات الاقطاب الرئيسية في اسرائيل تتباين بين نتنياهو الذي يريد الاستمرار بالاجندة الترمبية ونفتالي بينت الذى جاء ببرنامج منسجم مع برنامج الرئيس بايدن وسياساته القادمة حيال حل العقدة المركزية وفق ترتيبات تقلم التطرف وتضبط ايقاعه بالاتجاهين و تهيئ المجال لاطلاق مفاوضات جادة وذلك قبل المضي قدما في برنامج التطبيع ووقف الحديث عن اتفاقية (ابراهام) واطلاق برنامج القبول السياسي وليس الاجرائي.
وهذا ما أدى الى دخول اسرائيل في حالة انقسام سياسي بين اجندة بزعامة نتنياهو تريد الاستمرار وتلك التي يقودها بينت والتي تعتبر اكثر انسجاما مع تقديرات الموقف العام وكما تعتبر اكثر قربا لبرنامج واشنطن تجاه الحل وهذا ما يجعل المشهد العام في اسرائيل يغلب عليه طابع تبديل جلد الافعى بما يمكنها من احداث قبول ضمني مع واشنطن ويجعلها اكثر قدرة على التعاطي مع برنامج الرئيس بايدن تجاه المنطقة وقضاياها.
نفتالي بينت (شامير الصغير ) الذي يحمل جنسية أمريكية والقريب من صنع القرار فى واشنطن يشارف على تشكيل حكومة مع لابيد وغانتس وساعر والعربية الموحدة وميرتس والعمل فيما يتوقع المراقبين ان يحمل برنامجه ليونة في مسألة القدس وحزم في حفظ امن اسرائيل تجاه غزة وايران وهذا ما يمكن قراءته من ممانعة بيت الامن في تل ابيب والجيش لمسألة تظاهرة الاعلام في القدس وتماهي مطبخ القرار الامني مع بيت القرار في واشطن بما يفسح المجال لبرنامج نفتالي بينت ليأخذ مكانه ويمسك بزمام الامور على حساب نتنياهو الذي اخذ يغرد خارج السرب وينطق بعبارات معادية بل ويشكك من مدى نجاعة برنامج حكومة بينت القادمة ويصف عمرها الافتراضي فانه لن يتجاوز اشهر هذا لان الله يعاديها ونتنياهو سيقوم بتغييرها سريعا على حد تعبيره.
حال المشهد الاسرائيلي هذا جعل من الحال الفلسطيني يبدو افضل فالاجواء جاءت كما تشتهي السفينة الفلسطينية وتوحيد استراتيجية العمل تجاه القدس تجعل من العمق الفلسطيني اكثر تماسكا مع تبدل النظرة الاسرائيلية لتكون لصالح الوجود الاسرائيلي على حساب القدس وبهذا يكون (النفير الفتحاوي وصواريخ القسام ) اكثر قربا من اي وقت مضى لايجاد ارضية عمل مشتركة تقوم على اساس المقاومة وتبديل قواعد الاشتباك وهذا ان حدث فانه يعد تغييراً في النهج الفلسطيني من اجل تسييل حالة المقاومة الى نتائج سياسية تحقق لللشعب الفلسطيني خطوة على طريق التحرر والاستقلال فاستغلال المناخ السائد يعد من الامور الواجبة هذا لان التبديل يسير مع جهة واشنطن للحل حيث باتت تهتم بامن المنطقة على حساب وجود اسرائيل وحضورها وهذا ما يعد تطورا عميقا في المشهد.
وفى حال أصابت هذه القراءة فان اسرائيل ستعيد ترتيب حالها واولوياتها مما سينعكس على مناخات المنطقة واولوياتها بل وبرنامجها العام ليكون سلم اولوياتها منسجم مع اجندة البيت الابيض بحلته الجديدة وهذا ما يضع علامة استفهام حول تأثير ما يحدث على المجريات السياسية في المنطقة ومدى انعكاس ذلك على روابط العقدة الامنية التي تربط اسرائيل ببعض الانظمة فان الاستخلاص الذى اتفق عليه اغلب المتابعين يقول ان الروابط الامنية تتعرض لحلحلة تطال العقدة الرئيسية فيها وان المنطقة بعد نتنياهو لن تكون كما هي.
(الدستور)