هذه كلمات وَردَت على لسانِ السيدِ المسيح في هذا الفصل من فصول السنة الكنسية وبمناسبة عيد الصعود " ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التي جعلها الله في سلطانه".
نعم! إنَّ نجاحَ الحياةِ لدى المهتمين والمجتهدين يَكمن في تنظيم الأوقات وترتيبها واحترام المواعيد واختيار الأوقات المناسبة لتنفيذ البرامج والمخططات التي تتناسب وذلك الزمان وذلك المكان. ولربما نحن في المشرق العربي علينا أن نعيد حساباتنا من حيث ضبط ايقاع الزمن والوقت، لكي نقدر أن نكون منتجين بكفائة واقتدار. ولربما يعود سبب ضعف انتاجنا وعطائنا إلى عدم تقدير قيمة الوقت واحترامه واستخدامه خير استخدام للقيام بالواجبات المنوطة بنا خير قيام. هناك من حولنا الكثيرون الذين يقدمون أروع الصور والنماذج وأرقاها في احترام الوقت وإدارته وتنظيمه خير تنظيم واحترام الزمان والمكان فنرى إزدهار عطائهم العلمي والفكري والإنساني والوطني إذ يتجلى في كلٍ عمل يقومون به وفي كل مشاركة ينخرطون بها.
ولكن فوق ضبطنا ايقاع الزمن والوقت لكن هنا أزمنة وأوقات لا يمكن التحكم بها إلا الله وحده "ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التي جعلها الآب في سلطانه"، وهذا يعني أن لله وحده حكمته في كثير من الأمور التي تحدث معنا في حياتنا، فليست الأمور أبداً من طرف الله محض صدفة أو أمر عفوي بل ترتيب ربّاني وحكمة إلهية تفوق فهمنا وتقديرنا وحكمتنا " فما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الإستقصاء"، فأزمنة الله ليست كأزمتنا وأوقات الله ليست كأوقاتنا، وما أجمل أوقات الله وأزمنته التي يحددها بنفسه لأنها لا تعمل إلا لصالحنا ولخيرنا ولمنفعتها.
فلا نقنط من رحمة الله، فمهما اجتهدنا أحيانا ومهما عملنا لن نقدر أن نغير من أزمنة الله وأوقاته "فمن منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد على قامته ذراعاً واحدا".