ما جرى في بلدي في الأيام القليلة الماضية يفرض علينا أن نتذكر والذكرى تنفع المؤمنين .
لا أحد يقول أو يدعي أنه لا سلبيات في بلدي ، فنحن لسنا ملائكة بل بشر يصيبون ويخطئون ، والدولة تقر بوجود السلبيات الكثيرة والا فلماذا أنشأت هيئة النزاهة ومكافحة الفساد ؟ ولماذا أنشأت إدارة لمكافحة المخدرات ؟ ولماذا أنشأت جهازا" لمكافحة التهريب ؟ ولماذا ولماذا ؟ في بلدي لصوص محترفون ولصوص أغبياء ، المحترفون يلهطون بطرق خفية وناعمة وربما يلبسونها الغطاء القانوني مثل حكاية " الكوميشن" !! وهؤلاء أخطر ملايين المرات عن اللصوص الأغبياء الذين يكسرون الأقفال ويتسللون إلى البيوت وينهبون من المحلات التجارية أو جيوب الناس .
في بلدي فساد إداري وشللية واستزلام وقل ما تشاء مما تعرفه أنت من فساد ومن تغول على المال العام وعلى جيب المواطن . لكن وبالعين الثانية ألا توجد إنجازات؟ هل يشعر بالحرية كثيرون من بلاد العرب مما نشعر به ؟ ألا نستطيع أن نؤشر على الخطأ والخطيئة ؟
ألا ننعم بالأمن ؟ ألم تدمر دول حولنا وبقينا جزيرة استقرار ؟ ألم تدمر جيوش ومؤسسات وبقينا صامدين ؟ ألسنا الذين نقف سندا" لشعب فلسطين ؟ ألسنا البلد الذي آوى إليه كثير ممن لم يجدوا الأمان في بلدانهم وعلى سبيل المثال( محمد مزالي رئيس وزراء تونس ، نظمي أوجي العراقي ، عبدالجبار البياتي العراقي رحمه الله ،اخوان سوريا ، عراقيون بعشرات الألوف ، عبد العزيز علي المصري رحمه الله عضو الجهاز الخاص للاخوان المسلمين ، ...) لماذا نبخس دورنا وأداءنا ؟؟ لم يتم إعدام واحد لرأي سياسي فيما أعلم ، في بلدي توجد كل الأطياف السياسية " إسلاميون، بعثيون، شيوعيون، قوميون ،.." بينما في بلدان عربية ليس فيها حزب واحد ، وأخرى فيها بعض الأحزاب .
ما نريده أن ننظر بعينين : عين الرضى والمطالبة بالمزيد ، وعين النقد للتخلص من السلبيات والطامات ، ولكن بأسلوب قانوني سياسي حضاري وفق قانون التدافع والضغط وليس بالعنتريات والخطابات الجوفاء والتهييج والتحريض . لهذا كنتُ ولا زلت من دعاة الاصلاح السياسي الذي يغير قانون الانتخاب وقانون الأحزاب لنصل إلى برلمان سياسي يعكس حكومة سياسية . بملء الفم لست مع حكومات الموظفين ولا نواب الحارات، ولا الانتخابات المزورة المتلاعب فيها . البرلمان القوي والحكومة القوية سند للدولة وأذكّر بأننا عشنا قبل ثلاثين سنة حرب الخليج ولم يُكسر لوح زجاج بسبب البرلمان القوي والحكومة القوية .
أما الردح السياسي فلا يسمن ولا يغني من جوع ، وكلي أمل عن يتجاوز جلالة الملك في المئوية الجديدة حالة روتين تشكيل الحكومات الحالي القائم على المفاجئات ونظام " السحبة " غير المفهوم للناس حيث لا ندري لماذا جاء فلان ولماذا ذهب علان !! . نريد برنامجا" وطنيا" يزيد الإيجابيات ويبني عليها ، ويطارد السلبيات ويقضي عليها .
وأهمس في أذن الشباب الذين سيقودون الوطن بأن الأوطان لا تبنى بالعاطفة والصراخ بل بالعقل والتخطيط والتعليم .
لا نريد مصفقين يترزقون ويتزلفون ، ولا نريد شتامين سبابين لا يرون إلا السواد في المشهد .