لم يتخيل أي أردني أن يسمع كلاما موجها من نائب في البرلمان-ولا حتى غير البرلمان – يعترف فيه بأنه كان يريد اغتيال مليكه، فلا العقل ولا المنطق ولا أي عرف ديني أو عشائري يسمح بذلك.
نظام الحكم في الأردن متسامح، لم يسجل عليه انه سفك دم أحد ولا قام بقتل مواطنيه على رأي سياسي أو معارضة، بل كان يتقبل رأي الجميع ويصفح، وكثير من المعارضين احتواهم وأعطاهم أدوارا في إدارة الدولة.
لكن الذي شاهدناه جميعاً في تسجيلات فيديو لنائب مفصول خالفت كل منطق تربى عليه الأردنيون منذ نشأة الدولة قبل 100 عام، فأنا على يقين أن كل من شاهد الفيديو أعاده عدة مرات لكي يتأكد أن الذي سمعه صحيح، وأن العبارات التي نطقها النائب المفصول صدرت منه..!!
الدولة الأردنية – كانت وما زالت- تتميز بنسيجها المتماسك الذي تكون من تعاون بين النظام الهاشمي والعشائر التي بايعت الملك عبدالله المؤسس وذلك بداية في العام 1921، فعلى ذلك بُنيت الدولة ورُفعت أركانها وتربى أولادها، وأصبح الأردن بعد 100 عام دولة متماسكة يحكمها القانون ويسودها التماسك العشائري المنتمي للنظام.
الأردن منذ نشأته كان للجميع؛ فلم يفرق بين مواطن ولاجئ، ولا بين مواطن وضيف -ساقته ظروف بلاده الدموية-. فاستوعب الجميع وأعطى الأمان لكل محتاج ووفر فرص العيش الكريم لكل سائل.
واستوعب جميع التيارات السياسية؛ فسمح للتيارات -والتي كانت محاربة وممنوعة في دول أخرى -بالعمل وتكوين قواعد، لا بل دفع في لحظات تاريخية ضريبة عالية على ايوائهم.
النظام الأردني استوعب المعارضة بكافة أطيافها وأعطاها مساحات للحركة، فلم يقمعها ولم يضعها بالسجون وكانت في أوقات مُمثلة في الحكومات المتعاقبة، ولكن عندما يحتاجها الوطن يجب أن تكون في صفه ولا تزاود عليه شعبيا أو خارجيا.
الدولة الآن بحاجة لجميع الذين احتضنهم (موالاة ومعارضة)، فهي تشهد حربا اقتصادية وسياسية مبرمجة ومنظمة تهدف إلى خلخلة نسيجها وتفتيت أركانها، المطلوب منا جميعا الوقوف خلفها وحمايتها لأنها الحصن الذي يظلنا ويحمينا، فإذا خسرناه لن نجد الا المخيمات في دول الجوار تؤوينا.
الأردن كان وما يزال قويا وثابتا، يدافع عن قضايا الأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي هي أولى أولوياته ولن يسمح بأن يستغل أي شخص أو مجموعة المزاودة عليه، فالمواقف ثابتة والتاريخ يشهد، ونقول للجميع في -الداخل والخارج- إن الأردن باق وسيبقى بإذن الله صخرة تتكسر عليها كل المؤامرات التي تريد النيل منه ومن شعبه ومن قيادته.
(الغد)