تمثل الأموال الساخنة استثماراً مؤقتاً، وتقفز من بلد إلى آخر بشكل مفاجئ. قدوم الأموال الساخنة إلى بلد ما يسبب رواجاً كاذباً، وخروجها منه يسبب أزمة مالية، فهل لدينا أموال ساخنة تستوجب الحذر؟.
كنا دائماً نتحدث عن هروب رأس المال، وأن الأردنيين يحتفظون بودائع في الخارج بالعملات الأجنبية ، ونحاول إقناع هؤلاء بأن البلد آمن. وقد عشنا حتى أخذنا نسمع اليوم من مسؤول سابق عن رؤوس أموال أجنبية سـاخنة ترد إلى الأردن، كأن الأردن انتقل فجأة من طارد لرأس المال إلى جاذب لرأس المال الطيار الباحث عن منافع عاجلة.
الأموال الساخنة لا وجود لها في الأردن بأي حجم مؤثر. صحيح أن سعر الفائدة على ودائع الدينار ما زالت، بالرغم من انخفاضها، أعلى من سعر الفائدة على ودائع الدولار، ولكن هذا لا يعني أن تتدفق الودائع الأميركية والأوروبية على البنوك الأردنية وتتحول إلى دنانير للحصول على فرق الفائدة، بحيث تنسحب إذا ارتفع سعر الفائدة على الدولار وضاق هامش الفرق بين العملتين.
أمام طلاب الفائدة الأعلى بلدان أخرى تقدم فوائد أعلى بكثير ليس على عملتها فقط بل على الدولار أيضاً، مثل لبنان. لكن أصحاب رؤوس الأموال لا يحركون أموالهم تحت تأثير عامل واحد هو فرق الفائدة، والقول بأن الرأسمالي الأميركي أو الألماني أو الياباني يحوّل رأسماله إلى دنانير أردنية تودع في عمان يدعو للسخرية.
صحيح أن بعض المودعين بالدولار في البنوك الأردنية، وأكثرهم أردنيون مقيمون أو مغتربون، حولوا جانباً من ودائعهم إلى دنانير ليحصلوا على فائدة أعلى، فانتقلت بعض الدولارات من البنوك التجارية إلى البنك المركزي. وظلت جزءاً من احتياطي المملكة، ويقـدر مجموعها بحوالي مليارين من الدولارات، يمكن أن يعود بعضها إلى ودائع الدولار فيما إذا ارتفع سعر الفائدة على الدولار، الأمر الذي لن يعني أكثر من عودة هذا المبلغ من البنك المركزي إلى البنوك التجارية، وليس لذلك -إذا حدث- أية خطورة، لأن احتياطي البنك المركزي يزيد من ضعف المبلغ اللازم لتأمين الاستقرار والثقة العامة.
حتى هذه العودة ليست محتملة، لأن سعر الفائدة على الدينار سيظل أعلى من سعر الفائدة على الدولار تحت جميع الظروف، فلماذا يضحي مودع عاقل بفرق الفائدة.
الأمور الساخنة الوحيدة التي نعرفها هي الاستثمارات الطيارة للصناديق الأجنبية في بورصة عمان، وهي محدودة.
(الرأي)