الشعب الأردني بطبيعته ونسيجه في بقعته الجغرافية إنبثق عن تتابع تاريخي قديم وحديث من المشاريع، سادتهما البناءات الحضارية التي شكلت كل منها مشروع بناء كبير بحد ذاته؛ فحضارة ميشع مشروع، وحضارة الأنباط مشروع، والثورة العربية الكبرى وبناء الدولة في عهد الحسين رحمه الله تعالى مشروع.
كل مشروع يكسوه صوت خطاب القيادة وهدير الإنتاج بمختلف معانيه، والإتجاه العام: دولة تعمل وتنجز وتحقق ضمن هدف تسير إليه، ومنهجية تسير عليها، ولا مكان للتشتت، والكل يعمل والكل مشغول بالإنتاج بمختلف أشكاله، ومن مختلف المواقع.
غياب هدير رحى وعجلات الإنتاج المكسو بعدم وجود خطاب دوري شامل جامع يحشد ويستنهض الهمم، مع تشتتنا وتشرذمنا في فرق كثيرة، خاصة بعد تغلغل السوشيال ميديا والإعلام غير الهادف، وإنبطاح النخب في أحضان شهوات الحياة وحب الذات، مقابل نسيان جمر ولظى الفقر والبطالة اللذان تدثرا برماد في محافظاتنا، مع عدم وجود حلول حقيقية ولا بوارق أمل، كلها جعلتنا نشعر بالقلق والخوف من القادم.
رئيس ديوان ملكي سابق متهم بتدبير إنقلاب، زوج أميرة عزيزة علينا هارب بقضية كبيرة بحقه، مدراء مخابرات سابقين بالسجن، رتب كبيرة ومواقع حساسة دخلوا السجن، مدراء عامون سجنوا بقضايا مالية، وتعود وتشتت الشعب مكرها وليس بخياره على حدث يومي بين إشاعات وفضائح وقصص مختلفة، بينما المديونية تزداد، الفقر يزداد، البطالة تزداد، وينتج عنها تأخر سن الزواج، زيادة حالات الطلاق والإنتحار، جريمة منظمة، سطو، عنف، مخدرات،
الشباب محبط وفاقد للأمل، يسهر الليل وينام النهار، ولا أمل في الأفق، وصحته تتدهور مع التدخين والأرجيلة والسهر، وهذا يهدد عمود الأمن القومي لأي دولة، فالشباب وصحتهم وزواج الشباب وعملهم من أسباب إستمرار الدول.
غياب العقل الجمعي الأردني وحالة الفوضى مردهما لعدم وجود مشروع يجمع الأردنيين في مدنهم وقراهم وبواديهم ومخيماتهم، ليستنهض الهمم ويحفز الجميع من ناحية، ويسطر روح القانون والعدالة من ناحية أخرى، مما أدى إلى بحث قاعدة الهرم من الفقراء والعاطلين عن العمل وكل من يشعر باللاعدل والظلم والقهر عن صوت عالي، يحل مكان صوت رحى وعجلات الإنتاج وخطاب الدولة.
كنا أول من دعا لمشروع نهضوي يوحد الجميع ويحل مشاكلنا الاقتصادية والسياسية والإجتماعية، ويضمن أمننا المائي والغذائي وأمن الطاقة، ويحولنا لدولة إنتاج يعمل فيها الجميع، وتحقق الإكتفاء الذاتي #مشروعالشعبللإنتاج وذلك منذ عام ٢٠١٢م، وكنا أول من دعا للصناديق الإستثمارية الوطنية السيادية عبر رؤيتنا للإقتصاد التعاوني، والمدن الذكية، وغيرها.
حاربنا على كافة الجبهات وبكل الوسائل، قوبلت الجهود بالسرقات والتجيير للغير، ولم يفلحوا حتى بمتابعتها، واليوم نصحو على أنفسنا مشتتين بلا هدف ولا منهجية، والسوشيال ميديا والاعلام يحركان المشهد، بينما نزداد فقرا وبطالة، ولسنا ببعيدين عن الثقب الأسود، ما لم تتدخل فيزياء الكم ونجد ما هو أسرع من الضوء لنستبق المستقبل.