تسريب التكنولوجيا الغربية إلى الصين أطاح بنتنياهو
داود عمر داود
04-06-2021 07:37 PM
وأخيراً ها هو بنيامين نتنياهو يسقط في إسرائيل كما سقط صديقه دونالد ترامب من قبل. ولم يكن بالامكان إزاحة أيٍ منهما من المشهد السياسي لولا أن تمكن الحزب الديمقراطي من تجميع قواه والفوز في إنتخابات الرئاسة التي جاءت بجو بايدن إلى البيت الأبيض.
لقد عملت إدارة بايدن من يومها الأول على إلغاء كافة السياسات التي اتبعتها إدارة ترامب على جميع الأصعدة الداخليةً والخارجية، وما ترتب عليها من إجراءات. وكان لا بد أن يشمل ذلك (صفقة القرن) التي حاول ترامب وصهره الصهيوني جاريد كوشنر فرضها عنوة لتصفية القضية الفلسطينية، فكان مصيرها الفشل.
تدخل خارجي لدعم الإئتلاف الجديد
لذلك يمكن الإستنتاج بأن إدارة بايدن قد تدخلت بقوة لإسقاط نتنياهو، ولعبت دوراً محورياً في مجيء إئتلاف حكومي عجيب الشكل، لقيادة إسرائيل في المرحلة القادمة، بدلا من نتنياهو الذي تربع على السلطة منذ 2009. إذ يضم الإئتلاف الجديد تيارات سياسية متناقضة أصلاً، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ما كان لها ان تلتقي تحت سقف واحد في ظروف إعتيادية.
رشاوى وسعي لـ (تصفية إسرائيل)
والدليل على تدخل قوى خارجية لإبعاد نتنياهو، وعدم تمكينه من تشكيل الحكومة، هو ما ذكرته جريدة (إسرائيل اليوم)، في عددها الصادر يوم الخميس، 3/6/2021. وقد أبدت الجريدة مخاوف من أن يتم (تصفية) الدولة اليهودية، واتهمت إدارة بايدن والإتحاد الأوروبي بالسعي إلى تقويض الكيان الصهيوني. وقالت ان هناك تعاوناً بين (عناصر سياسية إسرائيلية مع الأحزاب العربية في الكنيست لنزع الطابع اليهودي عن الدولة). واتهمت الجريدة (العناصر الإسرائيلية) بأنها تحظى بدعم (سخي) من إدارة بايدن ومن الإتحاد الأوروبي. ويشير إستخدام كلمة (سخي) بوضوح إلى أن الصحيفة تتهم الإدارة الأمريكية والإتحاد الأوروبي بتقديم أموال إلى الأحزاب المشاركة في الإئتلاف الحكومي الجديد. وقالت ان ما يجري حالياً هو (جزء جوهري من استراتيجية المراحل لتصفية دولة إسرائيل).
إسرائيل سربت التكنولوجيا الغربية إلى الصين
فلماذا وكيف التقت إرادة كل من أمريكا والإتحاد الأوروبي على التخلص من نتنياهو حسب زعم الصحيفة الإسرائيلية؟ لوحظ مؤخراً أن الموقف العالمي من إسرائيل قد تغير لصالح القضية الفلسطينية، خاصة موقف أوروبا وأمريكا. وظن كثيرون أنها (صحوة ضمير) لدى هذه القوى الاستعمارية الغربية التي أوجدت الكيان الصهيوني. لكن الحقيقة التي أخذت بالتكشف، خلال السنين الماضية، أن الغرب انتبه إلى قيام إسرائيل بتسريب التكنولوجيا الغربية إلى الصين، خاصة في ظل حكومة نتنياهو، مما أثار الغضب على إسرائيل. فقد وصلت العلاقة بين إسرائيل والصين إلى مستويات متقدمة، وأصبحت الصين الشريك التجاري الثالث لإسرائيل، بعد أمريكا والإتحاد الأوروبي، وبلغ حجم تبادلهما التجاري 11 مليار دولار سنة 2017.
مؤسسة راند: قلق ومخاوف أمنية من نقل التكنولوجيا الى الصين
لقد أصدرت (مؤسسة راند) الأمريكية، في السنوات الأخيرة، تقارير معمقة حول طبيعة العلاقة التي تربط إسرائيل بالصين. صدر إحداها، في شهر آذار مارس عام 2019، بعنوان (العلاقة المتطورة بين اسرائيل والصين)، ويقع في 223 صفحة. وناقش التقرير نمو العلاقات بين الجانبين والتحديات التي تواجه الحكومة الأمريكية نتيجة ذلك، من قلق ومخاوف أمنية، بشأن انتقال التكنولوجيا الأمريكية إلى الصين عن طريق إسرائيل.
تسريب أم تجسس؟
يعتبر كثير من المراقبين أن قيام إسرائيل بنقل الكنولوجيا الغربية الحساسة إلى الصين خُفية هو نوع من أنواع التجسس والخيانة ارتكبها الكيان الصهيوني بحق القوى الغربية التي زرعته في فلسطين، لكي يكون قلعة متقدمة لها وإذا به ينقلب ويصبح قلعة متقدمة عليها. لقد أدرك الغربيون حجم خسارتهم التكنولوجية لصالح منافستهم الصين وطلبوا من إسرائيل أن تتوقف عن تسريبها. لكن إسرائيل تمردت بشدة ووصل الغرور حداً بنتنياهو أن صرح قبل أيام أن إسرائيل يمكنها التخلي عن صداقة الولايات المتحدة.
خلاصة القول: هل تفقد إسرائيل راعيها الرئيسي؟
إن إستغلال إسرائيل علاقاتها مع الصين كغطاء للتجسس على الغرب هو القشة التي قصمت ظهر البعير، والتي جعلت الغرب ينقلب على إسرائيل. فمن سرقة براءات الإختراع الأمريكية وتسريبها الى الصين، إلى نقل الأسرار العلمية إليها، إلى منح المخابرات الصينية أحقية تركيب كاميرات مراقبة في اي مكان في الكيان، إلى توفير الموانىء على ساحل البحر المتوسط لها، وغير ذلك كثير. ولذلك نجد أن هناك غضبأً عارماً على اسرائيل، من أعلى هرم السلطة، إلى دور الدراسات، إلى مراكز صنع القرار، إلى الكونغرس، والسياسيين، ووسائل الصحافة والإعلام، حتى يهود أمريكا انقلبوا عليها. فلم يعد لإسرائيل صديق حميم في واشنطن بعد اليوم، وستدفع ثمن ذلك على حساب وجودها. فهل تستغل الدول العربية والاسلامية هذا الموقف الدولي ضد إسرائيل، وتسعى إلى تحقيق مطالبها في فلسطين؟