يبدو للوهلة الأولى بأن قادة الإصلاح وأقصد أصحاب مفاتيح الحكم في هذا البلد الصامد هم من يتحكمون في كل صغيرة وكبيرة، فهم كمفتاح الأمان من (وجهة نظرهم) لأية اجراءات أحادية الجانب (من طرفهم فقط) قد تودي الي فقدناهم لمزايا التعلق الوظيفي ، فهم وبنظر أنفسهم على الاقل (المصلحون) دون تغيير على مر عقود من عمر الدولة الأردنية.
وللوهلة الثانية تجد بأنهم محكومين بإطار لا يمكن تجاوزه من الإصلاحات المنشودة، يعون تماما مدى الحاجة؛ وفي المقابل يرتكنون الى الصورة السائدة من تحليلاتهم وتخوفهم من الإصلاح المطلوب، مما يحجب عن (رأس الدولة) الصورة الحقيقية المطلوبة من لدن المواطنين. وبالتالي هم شركاء في عدم إيصال رسالة المواطن بكل مصداقية وشفافية وأمانة للملك.
قد يسأل سائلٌ بأن من أوكلت لهم المهمة الملكية سواءً في فترة (سابقة أو لاحقة) لخلق حوار لتوافق سياسي (مُلِح) للنهوض بالحياة السياسية للدولة الأردنية، سيُترجمون المطلوب ضمن إطار تشريعي سواءً كان قانون الإنتخاب قيد البحث، أو قانون الدين العام أو تفعيل قوانين الكسب غير المشروع، أو لبذل مزيد من الشفافية في التعامل مع كافة القضايا الوطنية الطارئة؛ مثل مستويات البطالة غير المسبوقة في تاريخ الدولة الأردنية وغيرها العديد..
في المقابل؛ قد يكون لتدخل شركاء مؤسسات الحكم للدولة (العميقة) رأي آخر له ما يبرره من وجهة نظرهم تحديدا؛ وتخوفهم للإنزلاق الى تبعات لا تحمد عقباها، وخصوصا وأن البعض منا لا يقدر هامش حرية الرأي والرأي الآخر، وهذا بحد ذاته موضوع في غاية الأهمية بالنظر الى أهميته النسبية في ديمومة حفظ الأمن وارساء قواعد السلم المجتمعي، وهذا الموضوع تحديدا بحاجة إلى تشاركية حقيقية بين كافة السلطات المعنية أمام مشكلة تفاقم البطالة بين الشباب الى نسبة عالية جدا وصلت إلى حوالي 50%. مما يستدعي إعادة توجيه الإقتصاد ومراجعة إجراءاتنا المتعلقة بالتحصيل الضريبي والإحتكام الى مفهوم الإقتصاد الشمولي؛ لا فقط المراهنة المستمرة على فكر مدرسة التحصيل الضريبي، وكأن اقتصادنا مبني على الإيرادات الضريبية فقط.
بالمحصلة؛ لا بد من كسر الجمود، والخروج عن المألوف في طريقة التعامل مع الوضع الراهن لمطالب الإصلاح بطرق فيها (الجرأة) في اتخاذ القرار، وسرعة البت بالتوجهات المجتمعية بعد وضوح الرؤيا، واختيار (الأنسب) من المسؤولين لإعادة التوجيه واقتراح الحلول المثلى؛ لأن (سقف الشارع) وتحقيق رضى المواطنين أصبح أكثر علوٍ؛ ولوضع الأمور في واقعها الصحيح بدون عمليات تجميل أو حقن لمستحضرات لن تصمد طويلا، وذلك حتى يتمكن صاحب الشأن من اتخاذ خطوته المنشودة للإصلاح والمواكبة للحاضر، وفي ذلك أيضا مصلحة تشاركية تتشابك فيها الأيدي بين (سدة الحكم وكافة المواطنين) لديمومة حقبة أخرى ممتدة من الحكم الرشيد والمؤمل.
حمى الله الوطن والقائد وحماكم جميعا