الوقاية خير من العلاج
الشيخ سلطان الدحيم الجبور بني خالد
03-06-2021 03:51 PM
هناك ثوابت وطنية لا يختلف عليها أبناء الشعب الأردني وهي الولاء للقيادة والانتماء للوطن والحفاظ على هذا النسيج الاجتماعي وهذه التركيبة العشائرية التي لم تكن يوماً إلا جيشاَ ثانياَ ورديفا للجيش النظامي والأجهزة الأمنية، فالتشكيك بأبناء العشائر ونواياهم هو أمر مرفوض.
أعلم أن هناك وجهة نظر للحكومة وهاجس من أن يُستغل أي تجمع كبير ويتحول الى مطالب إصلاحية تتعلق بالحكومة ومجلس النواب ومحاربة الفساد.
وأنا كلي ثقة أن القائمين على مثل هذه التجمعات لا يقبلون أن تنحرف بوصلتهم عن الثوابت الوطنية المتفق عليها والتي تُعد ضامنا لاستقرار هذا البلد وأمنه.
لكل مرض أو حالة لها وصفة وقاية ولها وصفة علاج، لماذا في بلدي الكل يبرع في وصفة العلاج لماذا لا نستمع الى أصوات العقل والحكمة التي تنادي دائماً بوصفة الوقاية التي تأتي بدون تكاليف لا بل قد تجلب النفع، بينما العلاج قد يكون مراً وقد يكون له تأثيراً جانبياً وقد يسبب ضرراً الى جانب ما يحقق من معالجة.
في حالة النائب أسامة العجارمة مثلاً والذي نحمد الله أن البيان المنسوب له كان مزيفاً،.
حسب وجهة نظري أن الأمور في صدارة المشهد لم تعد تُسند الى رجال دولة والذين دائماً كان يبرعون في تدارك الأمور قبل وقوعها وإن وقعت يديرون الأمور بخبرة وحس عال من المسؤولية
وبرأيي الشخصي أن النائب قد أخطأ وتسرّع وخرج منه لفظاً لا يقبل تجاه زملاءه النواب مع أنني أفترض فيه حسن النية.
لكن طريقة التعاطي مع قضية النائب ومعالجتها كانت تفتقد الكثير من الحكمة والحنكة، فبعد محاولة النائب أن يوجه تحية لمجلس النواب وللشعب الأردني والتي يُفهم منها التقدير للشعب وممثليه من النواب.
مع أنني لا أجد بأساً من اعتذار النائب لزملائه بشكل مباشر.
ارتأى النائب أسامة العجارمة أن يعتذر من زملائه على طريقته بأداء وألفاظ لا تقل عن الاعتذار الشفوي.
وهنا يُفترض أن تظهر حنكة وحكمة رئيس المجلس فيضع الكلام والنص في مكانه ويوجه حديثه وسؤاله لسعادة النائب ويقول: "هل نفهم من أدائك وألفاظك أنك تقدر زملائك ولا تقبل لهم الإهانة فنحن معنيون بإغلاق ملف لا بتثبيت الخطأ عليك فأنت زميل وجزء أصيل من هذا المجلس، ونحن كزملاء ورئاسة المجلس نعتبره اعتذار ونقدره لك اذا كان الجواب كذلك نتمنى أن نسمع منك كلمة نعم فنعتبره اعتذار"
هناك لا أعتقد أن النائب سيكابر بل سوف يؤكد على حديث رئيس المجلس وعلى الأغلب سوف يقول نعم وهنا نخرج من نفق التفسيرات والتأويلات أن النائب لم ينطق الاعتذار صراحةً.
لا بد أن نعترف أن مجالسنا النيابية هي مجالس ضعيفة سواء هذا المجلس أو المجالس السابقة واذا قال قائل أن هذه المجالس هي اختياراتكم كشعب، فالأمر ليس مرده الناخب بل هو قانون الانتخاب وهذه هي افرازاته.
فلو كان هناك قانون انتخاب عصري يخرجنا من نفق الانتماءات العشائرية الضيقة الى مجلس نواب يمثل طموح الشعب.
وبالمحصلة نقول لا بد أن نعود للأسباب التي تولد نظام الفزعات وردود الفعل الشعبية التي قد يحاول ضعاف النفوس إخراجها عن مضمونها وأن نحتكم دائماً الى دولة القانون والمؤسسات.
الحل حسب وجهة نظري لا أن ننتظر تدخلاً ملكياً في كل أزمة داخلية لأن الملك يجب أن يبقى على رأس دولة مستقرة ويتفرّغ للأخطار الإقليمية والدولية التي تعصف بالمنطقة، فالحل هو جملة من الإصلاحات السياسية وعلى رأسها قانون الانتخابات ليكون بحجم طموحات الشعب الأردني فينتج مجلس قوي ومن بعده حكومة برلمانية إذ لم تكون حكومة منتخبة ستكون حكومة على قدر مجلس النواب وتحسب له ألف حساب.
أخيراً يجب على الدولة بكل مؤسساتها أن لا تخشى من الإصلاح السياسي بل يجب أن تعلم أن الثوابت الأردنية لن تُمس مثل والولاء والانتماء بل إن الاستقرار السياسي سوف يعزز هذه الثوابت وبالتالي استقرار البلد.
والله من وراء القصد