خمسون عاماً على تأسيس الرأي
السفير الدكتور موفق العجلوني
02-06-2021 11:59 PM
ان استذكار اللحظات الاولي للحضور البهي الذي عرفه الأردنيون لصحيفة الرأي الغراء عند انطلاقتها الأولى في أوائل السبعينات، انما هو استذكار لرجالات من حجم، سليمان عرار وجمعة حماد وراكان المجالي ونزار الرافعي ومحمود الكايد وطاهرالعدوان والیاس جریسات. وكذلك نخبة من مثقفي الأردن وأدبائه وكتابه السياسيين أمثال إبراهيم العجلوني وجورج حداد وفهد الفانك وطارق مصاروة، والذين نهضوا مجتمعين بهذه الصحيفة الوطنية الرائدة واستطاعوا ان يحققوا لها حضوراً مشهوداً في الساحة الوطنية الأردنية وفي الوطن العربي الكبير والعالم اجمع.
لقد وضَع لـ الرأي أهدافها الكبيرة كل من جلالة المغفور له بإذن الله الملك حسين طيب الله ثراه، وشهيد الأردن دولة وصفي التل رحمه الله، فظلت الراي امينة على عهدها ومقتدرة على ان تعكس واقع وطموحات الأردن وان تكون بالجملة مرآة عاكسة للوضع الحضري للمملكة منذ نشأتها الأولى الى هذه اللحظة والتي نحتقل بإطلالة المئوية الثانية على تأسيس الدولة الأردنية والعيد الخامس والسبعين لاستقلال المملكة.
ان من مقتضيات الاعتراف بجهود العقول والإيرادات التي كانت وراء نجاح الرأي أن تشمل أصحابها بأجمل آيات التقدير والعرفان. فأولئك هم الذين صنعوا بالرأي اسمها الجميل، واججوا فاعليتها العقلية والروحية فكانت خير مترجم عن واقع الاردن وطموحاتها.
إن تاريخ أي صحيفة مرتبط بتاريخ البلد الذي ولدت وترعرعت فيه. وتحمل اختزالات التاريخ وحكاية الوطن سياسياً واجتماعيا واقتصاديا، فكيف ذلك إن كان الحديث عن الرأي التي ولدت في زمانٍ أردني، وفي لحظةٍ كان الوطن يعبر إلى أفاق حلم أوسع نعيش اليوم ظلاله ودفئه حتى باتت صفحاتها تشبه تفاصيل الوطن بكل معطياته واصبح أرشيفها بطولة ملحمية يروي تاريخ الأردن على سمع ونظر من يمر على صفحاتها والتي اكتنزت بكل ما يهم القارئ وأصبحت تنبض بنبض الشارع الأردني وهم المواطن الأردني، حتى اصبح فنجان قهوة الصباح ليس لها طعم دون ان تصاحبه صحيفة الرأي بكنوزها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفنية .
أما في افتتاحية الرأي في عددها الثاني بعنوان: «سلامة الوطن وكرامة المواطن»، فقد تناولت الرسالة التي بعثها جلالة المغفور له باذن الله الملك الحسين بن طلال – طيب االله ثراه – إلى دولة الشهيد وصفي التل رحمه الله.
ومن الانطباعات العامة التي تنقلها الرأي عن رحلتها في عامها الأول ما قاله دولة رئيس الوزراء أحمد اللوزي بأنها لسان معبر ورسالة حوار ويقول: «من موقعي كرئيس للحكومة وبصفتي الشخصية كقارئٍ لـ الرأي أن المرحلة التي يجتازها الأردن بقدر ما هي في حاجةٍ للخير والمعالجات الصريحة فهي أيضاً بحاجة إلى مزيد من الخير الساعي للبحث والمعالجات الصريحة.
أما ما قاله محمود الكايد رحمه الله: أن الرأي كانت وستظل دائماً صحيفة كل الناس في هذا الوطن الطيب على اختلاف ميولهم واتجاهاتهم.
أما إبراهيم العجلوني فقد استعرض لمحات من تاريخ الرأي مستذكراً سليمان عرار وجورج حداد وتاريخه بالرأي، وقد تداعت الخواطر في فكر سليمان عرار الذي سجل للتاريخ بأنها أول جريدة أردنية استكتبت كُتاباً مشهورين منذ عام 1974م ومستعرضاً نصرها الصحفي على صعيد الصحافة العربية.
هذه هي الرأي التي صحت باكراً والتي ولدت في لحظةٍ قلقة، فسعت للنهوض مع الوطن وقيادته وأبنائه لبناء الأردن الحديث، تاركةً وراءها كل التجاذبات التي سعت للحد من قدرة الوطن على المواصلة، فتحقق الحلم وبقي الوطن وإحدى معالمه صحيفة الرأي الغراء والتي نتغنى بها ويتغنى بها الوطن الان في عيدها الذهبي.
نعم تستمر الرأي في مد جذورها وأغصانها وجني ثمارها مستلهمةً من رؤية جلالة الملك عبدا الله الثاني إبن الحسين حفظه الله نير مستقبلها، وحاملةً عبء أن يبقى للوطن رسالة، وللدولة والشعب الأردني إعلامٌ متزن مسؤول يعبر عن الأردن بوجهه العروبي الأصيل، ويلملم الوطن بكافة تفاصيله، لتسهم الرأي في مسيرة الأردن، ولتبقى الرأي المنبر الأول الذي على عتباته الورقية والرقمية يمر كل أردنيٍ يريد أن يتحسس نبض الوطن.
اننا ونحن نحتفل اليوم بمرور خمسين عاماً على تأسيس صحيفة الرأي الغراء والذي هو وسام وطني بامتياز ترفع به جبين هذه الصحيفة الوطنية، اننا نحتفل بمضاء العزيمة وحرية التعبير والتفكير وصدق الإخلاص والانتماء. وعسى ان يطّرد ذلك كله في قادم أيام الرأي، والله ولي التوفيق.
(الرأي)