الاصلاح السياسي في الأردن
أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
02-06-2021 11:32 PM
توقفت كما الكثير من المفكرين واصحاب الرؤى والمثقفين عن الحديث في الاصلاح بعد أن اقتنعنا أن الطبقة السياسية ليست جادة ولا راغبة به وهي المتهمة شعبيا بأنها جزء من المشكلة واي اصلاح حقيقي قد يخرجها من الساحة او يأتي على الكثير من مكاسبها مع قناعتنا جميعا بأن سيد البلاد جلالة الملك المفدى عازم على الاصلاح كما أورده في الاوراق النقاشية. أعود لاكتب في هذا الموضوع مدفوعا بانتمائي للاردن الغالية و ولائي لسيد البلاد الذي يمثل الضمانة الاهم لاستقرار الاردن و الامل الحقيقي للشعب الاردني.
الاصلاح السياسي لا بد له من اطار واهداف ثم اليات لتحقيق تلك الاهداف ضمن ذلك الاطار. اما الاطار فيقوم اردنيا برأيي على أربعة اعتبارات وهي الآتي:
1. أن يحافظ أي إصلاح سياسي على الأردن كدولة ذات سيادة بهوية واحده شكلا ومضمونا لذلك فان اي إصلاح سياسي يسمح للجماعات او الأحزاب او الأفراد ذوي الامتدادات خارج الوطن للتغلغل لا يمكن القبول به.
2. إن الأردن نشأ و دام بقيادة هاشمية جوهرها بيعة للهاشمي الجالس على كرسي العرش لذلك فإن اي اصلاح سياسي ينتقص من تلك البيعة أو من صلاحيات سيد البلاد جلالة الملك عبدالله الثاني تحت اي عنوان او غطاء لا يمكن القبول به.
3. إن المؤسسات الوطنية هي الهيكل المتين للدولة الأردنية, قد نختلف مع بعض سياساتها او بعض أفرادها و لكن لا نختلف على تلك المؤسسات و رمزيتها و هيبتها سواء مؤسسة الجيش او المؤسسات الامنية او المؤسسة التنفيذية أو المؤسسات التشريعية او القضائية او غيرها من مؤسسات الوطن.
4. إن عملية الاصلاح قائمة على الحوار رافضة للعنف او الفوضى او التشدد او الاستئثار بالدين او القومية او الوطنية. و بالتالي فان الافراد و الجماعات و الاحزاب و العشائر و المناطق عليها ان تكون سندا للدولة تحت سقف الدستور و ليس لها أن تكون سندا على الدولة تحت اي مسمى او شعار.
إذا اتفقنا على هذا الإطار (و الغالبية الساحقة متفقة عليه) نذهب للأهداف و التي لا بد ان تعالج مشاكل قائمه او تواكب العصر الحالي و الخصها بما يلي برايي الشخصي:
1. تراجع الثقة: هنالك تراجع في منسوب الثقة بين المواطن الأردني والمسؤول و هذا التراجع فتح ثغرات ينفذ منها كل من يريد التأليب او إضعاف الجبهة الداخلية. و سأطرح الآليات لاستعادة منسوب الثقة.
2. أن أي إصلاح سياسي لا بد ان يكون عنوانا معيشي (و ليس فقط اصلاح اقتصادي او سياسي مجرد) و ثقافي. و هذه النقطة تحتاج بعض الاسهاب لانها مهملة و غائبة و الخص اهميتها بما يلي:
ان ما نعيشه الان على المستوى العالمي و المستوى المحلي و مستوى الجماعات و الافراد هو عرض لعملية التحول من عصر الصناعة الى عصر المعرفة بما لها من اليات انتاج و آليات تفكير مختلفة و ما نراه من مظاهر صراع او تنافس هو ما سيحدد من من الدول و الجماعات و الأفراد سيكون في قاطرة هذا العصر.
لذلك فإنني اقسم المجتمع الأردني حاليا الى أربع قطاعات كل له مطالبه و آليات تفكيره و لا بد من التعامل معها.
القطاع الاول و هو شباب عصر المعرفة و هؤلاء كما ذكرت في عدة مقالات هم غير مؤدلجين لذلك يمكن احتواءهم بسهولة و لكن يصعب او يستحيل مواجهتهم لما يملكون من قوة ناعمة تتمثل في التعاطي مع التكنولوجيا و وسائل التواصل الاجتماعي و التوجه الغربي لدعم هؤلاء من نفس قطاع شباب عصر المعرفة في الغرب و الذين يشكلون القوة الانتخابية الاوسع في اوروبا و الولايات المتحدة و يكفي مثال مثل فيديو لاقل من دقيقة لجورج فلويد و كم كان سعة انتشارة و مدى تاثيره. ان ما اراه داخليا ان هنالك ميلا لمواجهة هذه القطاع بدل احتوائه و لا اجد لذلك مبررا و قد كنت كتبت لعدة جهات بما فيها الحكومة باليات لاحتواء هذا القطاع ليكون قوة للبناء والانتماء خلف القيادة الهاشمية و لكنني لم اجد اي تجاوب.
القطاع الثاني و هو القطاع المعيشي و هذا القطاع يمثل نسبة اقل من القطاع الأول و مطالبه معيشية بحته تتعلق بتفاصيل الحياة اليومية و هو من يأخذ الواجهة حاليا رغم أنه الأقل تأثيرا و الحكومات المفروض لها خبرة في التعامل مع هذا القطاع الموجود منذ نشأة الدولة بمواردها المحدودة.
القطاع الثالث و هو قطاع النخب و القدوات و اقصد بهم اصحاب الفكر و اصحاب العلم و الوجهاء ممن لهم امتداد و قبول و احترام شعبي و يمتلكون مخزونا عاليا من الانتماء للأردن و الولاء للعائلة الهاشمية بصدق و هذا القطاع عمليا هو الآن مهمش و انكفأ على ذاته تاركا الساحة لأصحاب المال و ذوي الحظوة بعد ان اقتنع اغلبه ان الكفاءة و الانتماء و الولاء ليست المعايير المطلوبة حاليا سواء كانت هذه القناعة صحيح هام خاطئة.
القطاع الرابع و هم ذوي الاصوات العالية ممن ليس لهم قبول شعبي في الظروف العادية و لا تقبل بهم القطاعات الثلاثه السابقة كقيادات في اي ظرف و لكن هؤلاء يستغلون تراجع مستوى الثقة و اهمال القطاعين الاول و الثالث لتأليب النفوس و الإساءة لكل انجاز او حدث او قرار ليحافظوا على وجودهم على ساحات التواصل الاجتماعي و هؤلاء يكبر حجمهم او يتقلص بتناسب عكسي مع منسوب الثقة و احتواء قطاع شباب المعرفة.
3. لذلك فانني اعود و اؤكد ان الاصلاح السياسي لا بد ان يخاطب قطاع شباب المعرفة من خلال اصلاح ثقافي تنموي (الية التفكير و الية الانتاج للعصر الجديد) و لا بد ان يخاطب القطاع المعيشي بان ينعكس بشكل مباشر على تفاصيل الحياة اليومية للمواطن و الا فانه لن يكتسب الزخم الضروري.
أما الآليات التي نحتاجها لنحول ما سبق الى خطوات قابلة للتطبيق و تؤتي اؤكلها فهي موجودة و يمكن البحث فيها اذا توفرت لذلك الارادة و الرغبة و التشاركية. و اتوقف هنا حتى لا اطيل عليكم.