هل سيكون هناك تخفيض اخر على فوائد الدينار؟
عبد المنعم عاكف الزعبي
26-05-2010 06:01 AM
قام البنك المركزي بسلسلة تخفيضات على اسعار فائدة الدينار كان اخرها في شباط 2010، عندما هبطت الفوائد الى مستواها الحالي عند 2%. تبادر في اذهان معظم المحللين وقتها ان المركزي قد وصل الى قاع دورة التخفيض، وذلك بالضرورة للحفاظ على هامش الفائدة بين الدينار و الدولار. كذلك, استعان بعض الخبراء بارقام التضخم المرتفعة الصادرة مؤخرا لتدعيم توقعاتهم بان تخفيضات قادمة على اسعار الفوائد مستبعدة بل و في حكم المستحيل.
مراجعة تاريخية للهامش بين فائدة الدينار و الدولار يعطي بصيصا لاحتمالية قيام المركزي بتخفيض الفوائد مرة اخرى. فقد وصل هذا الهامش الى 0.00% في الفترة ما بين عامي 2005 و 2007 رغم ان الدينار وقتها لم يكن مدعوما بنفس المستوى من الاحتياطات الاجنبية المتوفرة حاليا. هذا و علما ان انخفاض الهامش بين فائدة الدينار و الدولار من 4% في العام 2008 الى 2% حاليا لم يؤدي الى اي تاثير حقيقي على قوة الدينار و هو المدعوم حاليا ب 11 مليار دولار من الاحتياطيات التي تغطي 8 اشهر من الاستيراد المحلي، ما لم يشهده قطاعنا الخارجي في اي مرحلة سابقة. بمعنى اخر، من المستبعد تماما ان يكون لتخفيض اخر على اسعار فائدة الدينار اثر سلبي ملحوظ على قيمة العملة المحلية.
نضيف الى ذلك ان الازمة الاخيرة في المنظومة الاوروبية اكدت ان رفع اسعار الفوائد عالميا سيستغرق وقتا ليس بالقليل. فارجح التوقعات تشير الى ان الفيدرالي الامريكي لن يبدا برفع اسعار فائدة الدولار قبل بداية السنة القادمة, وذلك نظرا لاستمرار الازمات و المخاطر التي تحف الاقتصاد العالمي. هذا التاخير بدوره يتيح مجالا اكبر للبنك المركزي اذا ما ارتاى تخفيض الفائدة من جديد.
كذلك, ساهمت الازمة الاوروبية مؤخرا بتخفيض اسعار النفط و معظم العملات الرئيسية امام الدولار ما سينعكس سلبا على مستويات التضخم المحلى. فالتضخم في الاردن بمعظمه مستورد, يتصاعد مع ارتفاع اسعار النفط و انخفاض سعر الدولار و بالعكس. لذلك, من المتوقع ان يؤدي استمرار ازمة اليورو و التراجع الناتج في اسعار النفط الى انخفاض مستويات التضخم محليا ما سيترك مساحة اوسع للبنك المركزي باتجاه التخفيض. من المهم ايضا التذكير ان التضخم المستورد كما في الاقتصاد الاردني اقل تاثرا بحركة اسعار الفوائد هبوطا او صعودا، بمعنى ان تخفيضا اخر لاسعار الفائدة لن يشكل وقودا فعالا لشحن التضخم او كربه.
اما من ناحية المالية العامة للحكومة الاردنية، فلا بد و ان يكون اي تخفيض في اسعار الفوائد لصالحها و هي التي تقترض من البنوك على فائدة تتاثر اول ما تتاثر باسعار الفائدة المعلنة من البنك المركزي. كذلك, قد يكون استخدام الفوائد لتحفيز النمو خيارا وحيدا خصوصا و الحكومة متخمة بعجز و دين لن سيمح لها باستخدام انفاقها الراسمالي لدفع عجلة الاقتصاد.
من المهم التنبيه الى ان السياسة النقدية و صانعها في البنك المركزي لم يصلوا بعد الى النتائج المبتغاة من التخفيضات السابقة لاسعار الفوائد. فلا زال الاقراض البنكي متراجعا و باسعار فائدة مرتفعة، و لازالت الفوائد تنخفض على المودعين باقل من المقترضين. و لا زال البنك المركزي يدفع 2% على 4 مليارات دينار تودعها لديه البنوك المحلية يوميا دون مقابل. كل ذلك يزيد من احتمالية تخفيض اخر على اسعار الفوائد !!