لم نزل في المحراب , نردد ترانيم الاستقلال , وإن كانت الانجازات تدل على الجهد المخلص في البناء , فيحق لنا في الأثناء أن نؤشر على الإنجاز , في « المعجزة الأردنية « كما وصفها رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري في كلمته خلال إحتفالية الاستقلال , لكن المعجزة لم تنطو فحسب على إنجازات إقتصادية وإجتماعية هي ظاهرة للعيان , إنما في الدولة التي تحصنت وفي رصيدها 64 عاما من الاستقرار العصي على الاختراق .
في رصيد الدولة اليوم 64 عاما من البناء , لكن الحديث عن الأردن الرؤية والفكرة سبق هذا التاريخ , أليس هو نتاج ثورة العرب الكبرى من أجل الحرية والعدالة والمساواة ؟, أليس هو وطن أحرار الأمة ممن آمنوا بفكر ثورة أحرارهم من الهاشميين وبرسالتهم الوحدوية ؟.
الأردن الذي يحتفي اليوم بـ 64 عاما من الاستقلال , يستذكر المنجزات لكن عليه أن يتحرى في ذات الوقت تحديات المرحلة المقبلة , وهي اقتصادية , تحتاج لأن تنصرف جميع الجهود للتصدي لها , فالمرحلة هي مرحلة تحقيق الاستقلال الاقتصادي , باستكمال الاصلاحات التي تفضي الى تحسين مستوى معيشة الانسان الأردني وتعزيز مبادىء الحرية الاقتصادية وحرية الاستثمار والعمل والابداع والابتكار وتكافؤ الفرص في مناخ تسود فيه روح العدالة والمساواة , بتجاوز العراقيل والمعيقات , والأخذ بأسباب العمل والانتاج بدلا من الأخذ بأسباب التراجع والتأجيل .
بثقة عالية ، يقدم جلالة الملك عبدالله الثاني، بعد عقد من عهده , الاردن كنموذج لمجتمع مدني متطور يهدف لان يكون قائدا للاصلاح والتحديث في المنطقة. نموذج لم يستسلم لظروفه كقدر محتوم , بل تجاوز ضيق ذات اليد , فكان جزلا في عطائه , وما تحقق من انجازات وما يسعى اليه من طموحات تؤكد الثقة بالنهج وبالرؤية , في خطوات تترسخ نحو الهدف وهو مجتمع قادر على تحقيق التنمية المستدامة والرخاء , يمتلك قدرات التحديث والتطوير كما يمتلك جرأة المراجعة والتقييم .
المراجعة , هي سمة المجتمعات والاقتصادات الحية , ولا تعني بالضرورة الانقلاب على نهج ساد بقدر تتبع العثرات والتعرف مجددا على العراقيل لتجاوزها نحو انجاز أفضل , دولة في رصيدها 64 عاما من الاستقلال تنظر بثقة الى ما تحقق ولا تخشى المراجعة إن كان فيها ما يستحق من أجل الأفضل .
qadmaniisam@yahoo.com
الراي.