نريد أن نسأل رئيس الوزراء بكل احترام عن الذي يفعله وحكومته، أمام ملفات كثيرة، بعد مرور هذه الشهور، وهي ملفات ورث بعضها من حكومات سابقة، وبعضها جديد تماما.
حين تقرأ تقرير البنك الدولي حول أرقام البطالة في الأردن بين الشباب، التي وصلت إلى50 بالمائة من الشباب، تدرك أننا أمام زلزال اجتماعي قيد الوقوع في أي لحظة، وهذه النسبة خطيرة جدا، وهي ليست مجرد أرقام، فكل عاطل عن العمل، متظاهر محتمل، وشريك في أي سيناريو قد لا نحب أن نراه في الأردن، وشوارع الأردن، إذا انفلت الغضب دون رشد.
لم تفعل هذه الحكومة شيئا، أمام ملف البطالة، ولم تفعل أي حكومة سابقة، سوى محاولات قليلة، محدودة الأثر، ذات سقف زمني، من أجل التخفيف من حدة البطالة، وأثرها الداخلي.
الأزمة تتعمق بحدة، وأزمة البطالة ليس مطلوبا حلها عبر التوظيف في الحكومة ذاتها، بعد أن أسرف المسؤولون السابقون على مدى أكثر من عشرين سنة، في ترضية أقاربهم، وإغراق البلد، بالديون وتعيينات الوظائف غير المنتجة، لكن مطلوب من الحكومة على الأقل، أن توقف حالة التسلط على القطاع الخاص، الذي تم انهاكه بالضرائب وكلف الإنتاج، وكأننا أمام قطاع عام يتغذى بشكل انتهازي مثل دودة الإسكارس، على القطاع الخاص، وينهكه أيضا، من أجل تغطية التزامات كثيرة، بما يؤدي إلى التسبب بضرر كبير لهذا القطاع، نراه اليوم في عدم قدرته على الوفاء بالتزاماته، وعدم قدرته أيضا على فتح وظائف جديدة.
فقط تتباهى الحكومة، بكون تحصيلات الخزينة المالية ارتفعت هذا العام، وهذه هي النظرة غير المكتملة للمشهد، لأن زيادة التحصيلات قد لا تدل على انتعاش اقتصادي أو بدء التعافي في الاقتصاد الأردني، بقدر أنها تدل على وفاء كثيرين بما هو مطلوب منهم، أيا كانت طريقة سداد هذه الالتزامات، فقد يستدينون من أجل دفع الضرائب، أو التراخيص، وغير ذلك.
ملف البطالة، هنا، ليس ملفاً صنعته هذه الحكومة، لكن مطلوب منها البحث عن حلول، وهي لا تفعل ذلك، بل إن الموضة السائدة اليوم، باتت اتهام كورونا، بكونها السبب وراء كل تراجع، فشكرا لهذا الوباء الذي ينقذ الحكومات من السؤال والعتاب، ويحتمل على ظهره مسؤوليات اكثر من الجانب الصحي، فقد بات هو السبب وراء كل تراجع نراه في بلادنا.
القصة الثانية التي تستحق الكلام عنها، هو الرجاء اليوم، لكل المسؤولين بمن فيهم رئيس الحكومة، وحكومته، وكل الجهات التوقف عن الكلام عن جلب الاستثمارات الخارجية، فمن هو المستثمر المغامر أو المقامر الذي سيأتي إلى الأردن، وهو يرى كل يومين، أزمة اجتماعية، قطع طرقات، مواجهات بين الدرك والناس، اضطرابات، مظاهرات، وغير ذلك من قصص نراها، وباتت للأسف عادية بالنسبة لنا، ونصحو كل يوم على أزمة جديدة ؟
لقد أدى سوء إدارة الداخل في كثير من الملفات، إلى تشويه سمعة الأردن في الخارج، والكل خارج الأردن يظن أن هذا البلد يجلس على فوهة بركان، ومهدد، وغير مستقر بسبب الملفات التي تتفجر داخليا، فلماذا سيضحي أحد بماله وسيأتي إلى الأردن، من أجل الاستثمار بالملايين، في بيئة مهددة، ومفتوحة على كل الاحتمالات والسيناريوهات؟.
سوء إدارة الداخل، أساء إلى سمعة الأردن كثيرا، وحيثما ولينا وجوهنا يسألنا العرب والأجانب عما يحدث في الأردن، وهناك نظرة سلبية تكرست بأن هذا البلد على الحافة وغير مستقر، ونحن هنا نفقد مزايا السمعة الإيجابية، ولا نجد من يحاول استردادها، وفي هذه الحالة، قد يكون كرما من المسؤولين التوقف عن الكلام عن جلب الاستثمارات الخارجية، كونه غير منتج، والتنبه أولا إلى سمعة الأردن، التي تضررت، وأهمية إعادة البناء، هنا، حتى يكون كل الكلام عن جلب الاستثمارات، منطقيا، ومعقولا، ومنتجا أيضا.
لا نحمل الرئيس فوق طاقته، لكن هذه أسئلة مزمنة، تتفاقم كلفتها، والاختباء في عباءة كورونا، لا بد أن ينتهي، وأن نسأل بكل تقدير عما تفعله الحكومة، أمام هكذا ملفات ؟.
(الغد)