التحول نحو الاقتصاد الاخضر
م. حمزة العلياني الحجايا
01-06-2021 02:21 AM
يشكل الاهتمام بقضية الاستدامة في الأردن سواء كانت اقتصادية او اجتماعية او بيئية خيارا استراتيجيا، بسبب محدودية الموارد الطبيعية والحاجة لنمو اقتصادي مستقر، لذلك ان استجابة الدولة لاحتياجات المواطنين الاقتصادية والبيئية من خلال الاقتصاد الأخضر ليست مجرد التزام سياسي، بل علامة فارقة إذا تم استغلالها من شأنها أن تجعل الأردن منصة إقليمية للتنمية الموجهة وللاستثمارات المستدامة.
يعتبر الاقتصاد الأخضر الوسيلة الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة في المستقبل، من خلال تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي واستدامة الموارد الطبيعية والبيئية، فالاقتصاد الأخضر يتحقق من خلال النماذج الجديدة للتنمية الأقتصادية سريعة النمو التي تسمى الاستثمارات الخضراء التي ستخلق الوظائف (الخضراء) فى مجالات متعددة مثل الطاقة المتجددة ومصادر المياه المتجددة وإعادة استخدام المياه المعالجة وتحلية المياه والزراعة. فالتحول الى الاقتصاد الاخضر يعنى ايضا تحولا فى التوظيف الذى يخلق عددا مماثلا على الاقل من الوظائف التى يخلقها نهج العمل المعتاد، ولكن المكاسب الاجماليه في التوظف طبقا لسيناريو الاستثمار الأخضر يمكن ان تكون اعلى على المدى القصير والبعيد يفوق نظيره في سيناريوهات نهج العمل المعتادة.
فالاردن يسعى دائما للبحث عن كافة البدائل والخيارات الاقتصادية والتنموية التي تساهم في خلق مستقبل اقتصادي مستدام، بحيث تشكل مشروعات الهيدروجين الأخضر فضاءات واسعة لاستغلال الموارد في انتاج الأمونيا والميثانول والوقود الاصطناعي، إضافة إلى توليد الحرارة، أو استبدال الوقود الأحفوري، فالهيدروجين الأخضر عبارة عن وقود خالٍ من الكربون، مصدر إنتاجه الماء، وتشهد عمليات إنتاجه فصل جزيئات الهيدروجين عن جزئيات الأكسجين بالماء عبر كهرباء تُوَلَّد بمصادر طاقة متجدّدة، وسط توقعات متزايدة للدور الذي سيلعبه الهيدروجين في نظام الطاقة العالمي. فالعالم يتجه باستثمارات ضخمة تتجاوز قيمة 700 مليار يورو، بحلول عام 2050، ويمكن أن يكون هناك طلب كبير على الهيدروجين منخفض الكربون في الصناعة ليصل إلى 700 تيراواط/ ساعة، بحلول عام 2050 حسب تقرير (Aurora Energy Research)، وهذ سيخلق اكثر من 500 ألف فرصة عمل جديدة في قطاع الطاقة المتجددة وإنتاج الهيدروجين حول العالم.
حيث أعلن عن مشاريع كبرى في المنطقة لانتاج الامونيا الخضراء، فاستخدمات الأمونيا كبيرة بدء من وسيلة مجدية اقتصاديا لنقل الهيدروجين، فهي آمنة وتتطلب قدراً أقل من التعقيد من ناحية النقل مقارنة بالهيدروجين الغازي، ومن ناحية أخرى سيشكل الاستثمار في الأمونيا التى تستخدم فى العديد من صناعات الأسمدة وتخزيين الطاقة بعد اخر، حيث تعد صناعة الأسمدة واحدة من أهم الصناعات الرابحة ليس فى الأردن، بل فى مختلف دول العالم، ولا سيما لارتباطها الوثيق بالزراعة وخطط الدولة للتوسع بها، حيث يمكننا في الاردن الاستفادة اقتصاديا من بنيتنا التحتية الحالية والنوافذ التمويلية التي يطلقها الاتحاد الاوروبي ضمن الصفقة الخضراء (Green Deal) والاليات التمويلية التي يوفرها المموليين الدوليين، لتحويل الفائض الكبير من الطاقة المتجددة لإنتاج الهيدروجين والأمونيا، وفتح الافاق في سلسلة الإمداد الكاملة مستفيد من انخفاض أسعار مصادر الطاقة المتجددة والمحللات الكهربائية حسب (Wood Mackenzie).
الأردن يستطيع أن يصبح لاعبًا رئيسيًا في سوق الهيدروجين الناشئ؛ استنادًا إلى امتلالكه قاعدة لا مثيل لها من موارد الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في جنوب المملكة مستفيد من قربها للبحر الاحمر والميناء في العقبة، حيث سيكون الاستثمار في الهيدروجين الأخضر دورًا رئيسيًا ليكون وقودًا مركزيًا صديقًا للمناخ، خاصةً للصناعة، مثل إنتاج الأمونيا ومرافق البتروكيميائيات المتكاملة، ومن المتوقع أن تسهم هذه الاستثمارات في تحقيق أهداف أمن الطاقة المستدام، وتخفيف العبء عن ميزانية الحكومة، وتقليل نسب البطالة التي وصلت حدود 50% حسب بيانات البنك الدولي.
تمكين الأردن من خلق قدرته التنافسية في عالم الاقتصاد الأخضر يتطلب تطوير التعليم والابتكار والتكنولوجيا والتدريب وريادة الأعمال، اضافة لبناء إطار تنظيمي فعال وحاكمية رشيدة تشجع القطاع الخاص لتلك الاستثمارات، لمواصلة النمو وتلبية طموحات الشباب في خلق فرص العمل.