لا أتحدث عن السكري وارتفاع ضغط الدم والسرطان والتهاب المفاصل وقرحة المعدة واضطراب القولون ووهن العظام فتلك أمراض لا يصنعها الإنسان بنفسه ومحض ارادته ولكنها قدر مقدور يتم التداوي لها بزيارة الطبيب وتشخيص المرض ووصف العلاج الناجع لها ولكنني اتحدث عن تلك الأمراض التي نصنعها بأنفسنا ونغذيها ونمدها بالعزيمة والإصرار خلافا لفطرتنا وتفكيرنا السوي المستقيم وهي أمراض مستعصية فتاكة لا تغادر الأجسام والعقول الا بتوطين النفوس وقسره على اتباع الحق ونبذ الباطل.
تلك أمراض منتشرة ومعدية لمن لا يملك مناعة ضدها وارادة قوية لمقاومتها ومحاصرتها ونبذ الذين يركنون إليها ويتفاعلون معها على غير قناعتهم وسجيتهم السليمة التي جبلوا عليها فتستقر في أعماق نفوسهم وتصبح مسلكا يوميا يصعب مقاومته والوقوف بحزم أمامه مخالفين اصل فطرتهم التي فطروا عليها.
ليست تلك الأمراض زلة لسان ولا حديث عابر ولا مصادفة محضة ولا هفوة يمكن السكوت عندها وهضمها وتجاوزها وإنما قناعات افرزها التخلي عن الحق والركون للباطل لقاء درهيمات او مصلحة عابرة او نزوة شخصية او خوف وهمي او شهرة او ما شابه ذلك.
انه الكذب الآثم والنفاق الارعن والتزلف البغيض وبيع الذات رخيصة في سبيل مصلحة جائرة وهوية منتحلة ونشدان الظهور على اكتاف الآخرين والذهاب بماء الوجه إلى رائحة نتنة تقزز النفوس. إن التصفيق للباطل وإقامة الاهازيج والتزين باثواب النفاق مرض مستشر لا يسر صديقا ولا يضيم عدوا وان اثاره تحرق المجتمع وتؤسس للروايات الكاذبة وتصنع رأيا عاما مغايرا للحقيقة تزول به الشهامة والمروءة ويذوب به ملح الأرض وتلطخ به سمعة كل ذي بصيرة.
ان التشافي من هذه الأمراض يكون بتوطين النفس وعدم ترك المجال لانحرافها عن فطرتها وحبسهاعند مبادىء الحق والنزاهة والاستقامة وتقزيم المصالح الآنية والتقوقع على الذات النقيه