في حين كنت اجهز افكاري و استعد لكتابة مقالي الاسبوعي اصابتني الحيرة عن اي المواضيع سأتطرق الى ان صادف برنامج على التلفاز تحدث عن اللجوء و تبعاته ، فسرعان ما خطرت ببالي قصة شهدت عليها قبل قرابة العامين لم ارى بداً من مشاركتكم اياها.
كنت قد دعيت لحفلة زفاف من إحدى السيدات اللاجئات و التي تربطني بها علاقة صداقة جيدة وكانت الدعوة لحضور حفل زفاف ابنتها(الطفلة) .!
لكم ان تتخيلوا حجم الصدمة التي اصابتني حين اخبرتني بأن طفلتها التي رأيتها عدة مرات و التي لم تكن تفارق دميتها ستتزوج و ستكون مسؤولة عن بيت و زوج و ربما عيال ..
اصابني الجمود لوهلة و انا اتخيل ! أنّ لهذه البريئة طفولية الفكر والجسد ان تمر بتجربة قد لا تقدر عليها من هن اضعافها سنا ..
كيف لجسدها الضعيف هذا ان يتحمل ..
صحوت من صدمتي و سألت «الام» التي كانت اجابتها مغلوبة على امرها ..
لم اتحمل وقتها فذهبت لبيت العروس «الطفلة» لكي اتأكد من انها ذاتها التي كنت اراها علّني اكون مخطئة ،، او لعلها اكبر من ما ظننت .. اي حجة اواسي بها صدمتي ..
و حين وصلت لمكان العرس كانت هي ذاتها فوأسفاه اقول في نفسي ،،
اني ارى دمية بالفستان الأبيض فرحة فهي لا تدرك ما الذي ستمر فيه فالفستان الابيض جعلها تظن انها كأحدى اميرات «ديزني « محاطة بصديقاتها واقرانها بالعمر منهم من سبقها بالزواج ومنهم من على وشك .
يا له من منظر محزن حيث ان اقرانها اللاوتي في مثل عمرها اكبر طموحهم لعبة او الذهاب للملاهي او تلعب لعبة «الغميضة» مع صديقاتها او تحفظ درسها جيدا لتحصل على نجمة في جبينها من معلمتها ..
و لكن كيف لطفلة لم تنضج لا جسديا و لا فكريا لمثل هذه الحياة ؟! كيف لجسدها ان يتحمل كيف لعقلها ان يستوعب ، كيف ستربي اولادا ان لم تكن لها خبرة بالحياة .
يالتعسنا ما احدثت الغربة و الهجرة القصرية فينا و مجتمعاتنا و اطفالنا ..
كم كانت فرحة حين رأيتها لعلها كانت تظن انها لعبة «بيت بيوت « ستنتهي بعد قليل و هي تلعب دور العروس ..
ما كان مني الا ان التفت لامها معاتبة ناقمة ! ما الذي فعلتيه بطفلتك
هذا إجرام ؟ سؤال جوابه تلقيته من نظرت الام المغلوب على امرها و التي قالت «انا رفضت» و عادتها قائلة :َرفضت لكن الأمر ليس بيدي
الجد هوه المسؤول عن الجميع هو من أمر بزواجها
ولا نستطيع أن نرفض له امرا
حسب نظرته يريد أن تكون في بيت زوجها ليحميها حيث المقولة المشهورة :»البنت ما الها الا بيتها وزوجها» و تابعت : نحن في بلد غير بلدنا وفي ظروف الله يعلم فيها نعيش بدنا نسترها في بيت زوجها وهيك بنطمن وبنرتاح ..
ببساطة دفعت هذه البريئة ثمن هجرة اهلها و ظروف عيشهم ..
ما كان مني الا ان حوقلت و دعوت لها بأن يعينها الله ..
وبعد اقل من عام التقيت الام واول ما مابادر بذهني ان أسأل عن طفلتها العروس، وما ان سألتها حتى بدأت الدموع تنهمر بغزارة و هي تقول
الطفلة العروس أصبحت « ام» و خرجت منها كلمة «اه» بكل جوارحها و هي تقول لقد عانت ابنتي في الولادة و تكبدت من الخطر و الالم ما لم تعانيه ام بالعالم لقد اطلق عليها الأطباء الطفلة الام
والله ابكت المستشفى كلها من حالتها
وكانت على وشك الموت لولا لطف الله بها ..
كمجتمع لا يجب ان نسمح لهذه السلوكيات تجتاحنا ،، يجب نشر الوعي في هذه القضية و الاكثار من الورشات التوعوية في اماكن اللجوء و المجتمعات المنتشرة فيها هذه الظاهرة ..
يجب ان تكون هناك قوانين صارمة و رادعة تحفظ براءة الاطفال .
(الدستور)