يخيل إليّ وأنا اطالع هذه اللوحة الزرقاء ذات القناديل البيضاء المسكونة فوق أعمدة سامقة ، إذ لا يخلو اللون الأزرق منها..
فمساحته تمتد حتى تخفي بقية الألوان لتبدو باهتة.

فالأزرق الممتد حضور شامل وقوي ومميز.

وكأني بالمقدادي الفنان قد ارتضى هذا اللون ليصبغ به عالمه وتفاصيله.

فما دلالاته الرمزية ؟ وما السر وراء الاحتفاء بهذا اللون؟

ولأن الألوان ليست مدركات بصرية متميزة فقط بل هي شتيت من الإيحاءات والمعاني والرمز والرمزية .. حيث يرمز الأزرق إلى الصفاء والعمق ويستعمل أيضا في الرعب والتوتر ليدرك الأزرق قيمته ويحقق المتعة البصرية والنفسية في آن واحد.

وعلى جانبي طريق ممتد متوشح بالأحمر الناري بأعمدة كالذاكرة الزاخرة بالأمجاد والبطولات.

لكن ..

هل ينقص المغترف من ماء البحر شيئا ؟

وللأزرق دلالات وثقافية ورمزية ونفسية

والمتأمل في زرقة السماء اللامتناهية متفردا برؤاه سابحا في فضاء الخيال الذي لا تحده الجهات الأربع.

فالأزرق أثيري روحي بحد ذاته يزيل الطابع المادي عن كل ما يمسك به بل هو طريق اللانهاية . . لتخفيف وطأة هذا الزمن المتعسف الكئيب ، وتنظيف حمأة هذا المكان..

ويمتد الأزرق اللانهائي حتى يشمل الجزيئات والتفصيلات عصافير زرقاء وأشجار زرقاء ونسيم أزرق وهواء.

فالمقدادي الفنان منغمس في عالمه الأزرق مستمتع بجماله الظاهري واللامرئي فقد ربط لوحته حيوية ونشاطا لأنه يمثل لونا حماسيا يبثّ الإثارة والحماسة والقوة لأنه يرتبط هذا اللون الأزرق بالسماء الصافية والمياه الهادئة ليشعرنا بالراحة والسكينة ويحدّ من إحساس التوتر والقلق.

ومن أهم معاني تدرجات اللون الأزرق في اللوحة الزرقاء تلك " القناديل " والتعبير عن الذكاء والثقة والكرامة والسلطة ، كما يشير السطوع إلى النظافة والقوة ويرمز إلى السلام والروحية.

اللوحة الزرقاء : لوحة تعزز الشعور بالحرية ، وتثير الحدس والخيال الواسع ، كما تحتمل ظلالات الأزرق الشعور بالحكمة والاستقرار ويعبّر عن الروح والذات ، ويعتبر لونا باردا يخلق التوازن.

وها هو .. يقودنا فناننا بإصرار إلى لون الروح والتفاني والمسؤولية والوفاء ليعزز لدينا الاسترخاء البدني والعقلي ويعبر عن الذات والقدرة..

فاللون الأزرق أحد الألوان الأساسية ولون يميز البحر والسماء وهو من الألوان الباردة ومشروبات الطاقة الزرقاء تشعرنا بالانتعاش، ويختلف اللون حسب ثقافات الأمم وإذا وظّف بشكل خاطئ فإنه يشير إلى معاني سلبية بحتة كالجمود والاكتئاب والسلبية.

فالأزرق في الملبس مثلا .. لون محبب للذكور ومرغوب في البدلات والقمصان الرجالية.

والأزرق في الشرب يوحي بالانتعاش والارتواء.

وبعد..هذا جانب .. ومن جانب آخر تعتبر فترة اللون الأزرق متجلية بما يلبسه الفنان عماد بملامح صارمة وتحمل اهتمامات وأحاسيس وانطباعات جديدة.

لقد استمال المقدادي بوجود لغة لونية طاغية تستميل الفنان وتصور اللمسة من اللون ، فجاء بلون أصفر ناري يتردد صداه إلى جانب المنطق والإدراك ولون العقل ونفاد الصبر ليجذب الانتباه والتحذير..ويعزز المنطق.

ولكل لوحة لغة نستطيع ترجمة وفهم رسالتها عن طريق تلمس الألوان والأحاسيس.

ولعل الألوان وأطيافها لغة تعبيرية جميلة ، فكيف إذا اقترنت بلغة الإنسان بمشاعره وأحاسيسه .. كذلك اللوحة تعبر عما بها من صمت لتجعل المتلقي يفكر ، ويشعر ، ويخمّن وهذا هو سر اللوحة.. وسر الفنان