الدولة المدنية بين الإنتماء العشائري وسيادة القانون
د.عبدالله القضاة
30-05-2021 03:34 PM
نسعى في الأردن الى ترسيخ مفهوم الدولة المدنية، وهي دولة وطنية دستورية ديمقراطية تقوم على مرجعية قيمية وأخلاقية، وهذه الدولة تستند على مبدأ سيادة القانون، والمواطنة، حيث يتمتع جميع المواطنين فيها بحقوق وواجبات متساوية يكفلها الدستور وفق مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص، دون تمييز بسبب دين او عرق أو منطقة.
السلطة في الدولة المدنية للدولة، ولا يجوز استخدام الدين أو العشيرة لتحقيق الأهداف السياسية.
بالمقابل، الشعب الأردني بمختلف مكوناته، مجتمع عشائري، تشكل العشيرة المرجعية الاجتماعية لهذه المكونات، وعلينا هنا التمييز بين الانتماء والعصبية والآخيرة مرفوضة رفضا قاطعا، في حين لايقبل الاردنيون من أي كان أن ينظر للعشيرة بمنظورها السلبي ليمهد الطريق لمحاربتها، كما أن هذا الشعب "مسلمين ومسيحيين" لايقبل بأي حال من الأحوال التخلي عن قيمه الدينية والاخلاقية لصالح ما تبشر به بعض التيارات المشبوهة!!!.
الدولة المدنية المنشودة اردنيا؛ لاتعني بأي حال من الأحول أن تأخذ صفة الدولة الالحادية التي تحارب الاديان والمنظومة القيمية للمجتمع، كما أنها لاتعني محاربة العشائر الأردنية وإقصاء أبناءها عن المواقع القيادية بحجج لاتنطلي على أحد، وبالمقابل لايقبل من العشائر الخروج على القانون ومخالفة الأنظمة لتحقيق مآرب شخصية أو النيل من هيبة الدولة.
الدولة المدنية تحارب الإرهاب بشتى أنواعه ومختلف مصادره، فكما تتصدى الأجهزة الأمنية في الدولة بكفاءة للإرهاب "الخشن" وهي مشكورة على ذلك، لابد لهذه الاجهزة وغيرها من المرجعيات من التصدي للإرهاب "الناعم" والذي لايقل خطورة عن الأول، ذلك ان الارهاب الفكري يعد من محفزات الارهاب "الخشن" والعنف والتطرف، لأن لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدار ومعاكس في الاتجاه، فإبتزاز الآخرين واثارة الكراهية والإقصاء المبرمج للكفاءات الوطنية ذات الإنتماء العشائري والديني يؤسس لإرهاب مستدام في الدولة يبشر بعواقب وخيمة ويهدد السلم المجتمعي اذا لم نسارع في تبني استراتيجية وقائية وعلاجية لهذه الآفة التي بدأت تلوح بالأفق مخاطرها!.
والتساؤل: هل يمكننا في الأردن أن نخطو بخطوات سريعة نحو التحول الحقيقي للدولة المدنية؟، وهل من السهل الفصل بين الرسمي والشعبي؟، وهل يعقل أن يكافأ المواطن أو يعاقب لوجود شخص يحمل اسم عشيرته أو بسببه؟، هل المطلوب من المواطن أن يخفي اسم عشيرته مثلا ليتمتع بحقوق وواجبات متساوية يكفلها القانون للجميع؟، هذه التساؤلات وغيرها نطلقها لحوار وطني جاد وشفاف لعلنا نسهم في ولوج مرحلة وطنية مبنية على الفكر والمنطق من خلال خلق الوعي الوطني الذي يشكل الدافع الرئيسي للتغيير الثقافي والسلوكي للمجتمع الأردني بأسره.
أمين عام سابق
abdqudah@gmail.com