كان الأردن إمارة مستقلة (جزئياً على الأقل) منذ خروج الأتراك العثمانيين ووصـول الأمير عبد الله الأول، ولكنه استكمل اسـتقلاله الوطني بإنهاء الانتداب البريطاني، وإشـهار المملكة الأردنية الهاشمية قبل 64 عاماً.
يقول البعض أنه لا داعي لاستمرار الاحتفال بالاستقلال الوطني لأنه أصبح تحصيل حاصل بعد أن اسـتقلت جميع شـعوب الأرض (باستثناء الشعب الفلسـطيني) فلو لم يسـتقل الأردن في عام 1946 فمن المـؤكد أنه كان سيستقل بعد ذلك.
مع ذلك فإن الاحتفال بالاسـتقلال له قيمة ذاتية متجـددة، حتى أن دولة عظمى مثل الولايات المتحدة الأميركية، التي تهمين على عالم اليوم، ما زالت تحتفل بعيد استقلالها في 4 تموز من كل عام.
الاسـتقلال َصنع في الأردن خلال سـتة عقـود ونصف ما لم تصنعه ستة آلاف سنة، فقـد تضاعف عـدد السكان 12 مرة، وتضاعف الناتج المحلي الإجمالي 700 مرة، وارتفعت حصة الفرد من الدخل أكثر من 110 مرات محسوبة بالأسعار الجارية، أما العاصمة التي كانت تضم 35 ألف نسمة حتى سنة 1940 فقد تضاعف عـدد سكانها 60 مرة، وميزانية الدولة التي كانت حتى سـنة 1957 سبعة ملايين جنيه من الإيرادات المحلية ومثلها من المعونة العسـكرية تضاعف حجمها 425 مرة.
لم يحـدث مثل هذا بهذه السرعة في أي بلد في العالم، ومع ذلك حـدث كل هـذا في بلدنا في مدى حياة جيلنا – نحن السبعينيين - وبسرعة مذهلـة كان لا بد أن تشهد إنجازات ونكسات، نجاحات وصعوبات، فالاسـتقلال الوطني والقيادة المستنيرة والشعب المتحفز، يمكنها أن تصنع معاً المعجزة، وأن تحافظ عليها وتحميها من الأخطار الداخلية والخارجية.
بدلاً من التركيز على الماضي، والنظر إلى الوراء، فإن الاستقلال يدعونا للتركيز على الحاضر والمسـتقبل والنظر إلى أمام. فأمامنا تحـديات اقتصادية ومخاطر سياسية ومشـاكل اجتماعية توجب علينا أن نعمل بجد وحذر، وأن نبدع ونلحق بالركب العالمي المتقدم.
من حقنـا أن نحلم بأحسن النتائج، ولكن تحقيق الأحلام والنتائج يستوجب أن نسـتيقظ ونبدأ العمل، فالطريق ما زال طويلاً ولا يخلو من الألغام والمطبات والأشواك.
وكل عام والأردن بخير، ملكاً وشعباً.
الراي.