حتى لا تنحر الدولة والعشيرة
فارس الحباشنة
30-05-2021 11:29 AM
ليس هناك مفوض يحمل راية العشائرية الاردنية والنطق باسمها .. العشائرية الاردنية نظام اجتماعي ، ولها عادات وتقاليد واحكام اجتماعية موروثة .
العشائرية ليست محكومة بمناطقية وجهوية وفئوية قبلية ما .. المتباهون بالعشائر والشوفنيون نسوا ان هناك عشائر شامية وشركسية وشيشانية ودرزية لجات للاردن وسكنت هنا .. وشاركت العشائر الاردنية عيشها وامنها وحياتها ، والتامت العشائر لتكون قوى اردنية جامعة وموحدة ، ولا فارق بينها في الولاء للوطن والدفاع عنه في السراء والضراء .
ثمة فارق بين العشيرة والعشائرية .. العشيرة انتماء فردي لجماعة ، ورابط من سلسة روابط الانتماءات الاخرى ل»مدينة ولهوية دينية» .. وكل فرد يعتز بعشيرته ومدينته ..
وهي من الموروثات القسرية للانسان ، وذلك كاللون والطول والقصر والكرش والصلع ، والكوليستول ، والسكري ، وضغط الدم.
اما العشائرية .. وهنا ثمة ما يوجب التوقف عنده بتامل وصفنة طويلة .. عندما يسبق ويفرض انتمائي الشخصي على الوطني والقومي .. ورؤيتي للعالم والاخر تبدا ، وتنطلق من زوايا الانتماء الاول العشائري والجهوي .
و اشعر كثيرا بالخجل ان رواسب ما قبل الدولة ، والرواسب البدائية للولاءات والنعرات تطفو على السطح الاردني في القرن الحادي والعشرين . فما زال الاردن يصدر اسئلة عن الدولة وهويتها ، واسئلة عن صيرورة الدولة والحكم الدستوري وبناء دولة الحق والعدل .
العودة الى العشائرية ، وكيف يصب الناس جم غضبهم من الراهن العام السياسي والاقتصادي ، والاقليمي الملتهب بتحديات المقاومة في فلسطين ، واسئلة العدل والحرية المقهورة والمسلوبة بالعودة الى العشيرة والقبيلة ، وحمل راياتها وسيوفها .. فهذا اكبر ظلم للاردن ، واكبر ظلم لبلدنا الذي ناضل وجاهد وحارب واستشهد الاردنيون من اجل تاريخه وترابه ، ومن اجل بنائه وتثبيته على الخريطة وطنا مستقلا وحرا .
مدنية الدولة تحولت الى مطية .. ومدنية الدولة الاردنية ايها الاخوة : ليست مفردة حديثة الولادة ، وكما يروجها الليبراليون الجدد ، وجماعة الدولة المدنية ، وبقايا منظمات التمويل الاجنبي من زرعوا ليبثوا سموم الفرقة والفتنة وخدمة مصالح اجنبية . فالاردن بلد ولد مدنيا .. ودستور 52 لم يسقط من السماء والفراغ الهلامي ، بل نتاج تاريخي تشريعي لطموح وامال الدولة والشعب .. ولتراكمات من النضال السياسي والشعبي ،وادبيات الوطنيين الاردنيين .
في الدستور الاردني ، هوية الدولة ليست معرفة قبليا عشائريا ومناطقيا ، وجهويا ، وطائفيا . والعشائر ما وقفت يوما في وجه المدنية وتحديث الدولة والتطور الحضري . ومن يدرس تاريخ الاردن ، فاطراف الجغرافيا والعشائر هي خزان امداد المجتمع السياسي والثقافي الاردني .. ساسة ومثقفي الاردن الكبار ياتون من الاطرف ، اربد والمفرق والكرك وعجلون والطفيلة ومعان .
طلائع العشائر قادوا حركات النهوض والتقدم والتحديث في الدولة الاردنية ، والسير بها نحو المدينة والديمقراطية المرجوة . القلق والخوف على الاردن يدفع الى مزيد من التماسك والوحدة واللحمة الوطنية .. وثمة خطاب يندس ويتسرب في الكلام المنثور في العموم يخدم احابيل مشروع اسرائيل واصدقاء اسرائيل من عرب وعجم ، ويترصد لامساك مفاتيح التازيم والتجزئة ، والفتنة ، وتحويل الاردن لكنتونات سكانية لا جامع ورابط وطني بينها .
صدقوني عندما نفهم حقيقة التيار الحقيقي المعادي للاردن ومشروعه الوطني التاريخي نحمل رايات واعلام الاردن القوي ، ويحتفل الاردنيون بشهامتهم وشجاعتهم وعقلانيتهم ليكونوا جنودا اوفياء ومخلصين للدولة والوطن العظيم الذي نحبه ونخاف عليه .
الدستور