الانفراجة الوبائية القادمة .. وحتمية العودة للمدارس
فيصل تايه
30-05-2021 10:57 AM
انفراجه وبائية ينتظرها الأردنيون بعد أشهر طويلة من الحظر والقيود ، وفق خطة الدولة التي تبدأ بفتح تدريجي للقطاعات وتنتهي بإلغاء تام للحظر الجزئي وعودة الطلبة الى مدارسهم وجامعاتهم بعد طول غياب وفق خطط اجرائية تعمل كل من وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي اعتمادها للعودة إلى مقاعد الدراسة مطلع ايلول القادم ، وكبداية مبشرة بالخير "بإذن الله" للعام الدراسي ٢٠٢٢/٢٠٢١ ، مع الأخذ بضرورة استكمال اجراءات تطعيم كافة كوادر القطاعات التعليمية من مدارس وجامعات ورياض أطفال من المعلمين وأساتذة الجامعات والطلبة وحصولهم على اللقاح شريطة مرور شهر كامل على تلقي الجرعة الأولى وحسب اجراءات المرحلة الثالثة من خطة الوصول لصيف أمن .
وزارة التربية والتعليم الأكثر تأثراً من تبعات الجائحة تجد ان خيار العودة لمقاعد الدّراسة اصبح ضرورة حتمية ، بعد خُمول وتوقف إجباري "لمجتمعات التعلم الوجاهي " لفترة زمنية ليس بالسهلة ، لذلك فقد استعدت وتجهزت الوزارة للعمل على تنفيذ برنامجها المتعلق بمصفوفة المفاهيم والنتاجات الاساسية ، قبل بدء العام الدراسي ، في محاولات جادة لاعادة الطلبة إلى النّسق العلمي والذّهني والاجتماعي والنفسي ووضعهم في الطريق الصحيح لاستدراك ما فات والبدء في مستوى تعلمي جديد ، حيث ان برامج وخطط وزارة التربية والتعليم التعليمية المنفذه إبان الجائحة خضعت باستمرار للتقييم الدوري ، من أجل اعداد الخطط المستقبلية الضمنية والصريحة ، والاستفادة من ارهاصات المرحلة الفائتة للبناء عليها ، خاصة عند دراسة التصورات والاقتراحات لشكل النظام التعليمي والاجراءات المتعلقة بالعودة الكاملة ، والتي تتطلبها طبيعه المرحلة القادمة ، خاصة وان وزارة التربية والتعليم عملت ما بوسعها بالتعاون مع كافة الجهات وبعد توفر اللقاح ، لتطعيم شريحة كبيرة من القطاعات التعليمية ، ما يضمن العودة إلى المدارس بشكل آمن .
اننا ونحن نعيش استمراراً للظروف المتعلقة بالحالة الوبائية العامة ، لا بد ان تترسخ لدينا القناعة التامة ان الفيروس سيبقى موجوداً ، وعلينا التّعايش مع هذا الواقع ، فالحياة يجب ألّا تتوقف ، وعودة الطّلبة إلى مدارسهم باتت امراً ضرورياً ، فالخطر موجود ، وعلينا حصر خطورته لنعيش حياتنا بشكل طبيعي ، لذلك علينا اتخاذ خطوات جادة وعملية كي يلتزم الجميع ، مع ضرورة تمتع اولياء الامور والطلبة والمعلمين وكل المُتداخلين في العملية المدرسية التعليمية بالوعي الفردي والجماعي والتّجاوب الإيجابي مع التّوصيات التي من شأنها انجاح الإجراءات والتغلب على مجمل التحديات ، بل ومن الاهمية العمل بالاستمرار على أهليةِ كافة الأُطر التّربوية صحياً ، والاخذ بتوصيات وزارة الصّحة الخاصة بالتّدابير الوقائية الخاصة بالمدارس ، والعمل على تحديث هذه الإجراءات وفق الوضع الوبائي ، اضافة لبحث أهمية الدّور التّشاركي بين مختلف الجهات الحكومية لإنجاح عودة الطلبة لدراستهم .
أن التحدي الأساسي أمامنا ، هو ضمان احترام وتجسيد الإجراءات الاحترازية في مواجهة الجائحة ، والذي يكمن في الموازنة بين ضرورة عودة أبنائنا الطلبة لمقاعد الدراسة والعودة الى الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والنشاط الجمعوي ، مع ضرورة احترام البروتوكول الصحي الذي سيكون نظام حياة مدرسية اجباري وامراً واقعاً ، وجزء لا يتجزأ من المنظومة التعلمية الصحية المشتركة ، ذلك بضرورة التشديد في اتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة من أجل تدارك ما حدث في عدة دول تسابقت لفتح المدارس واستئناف النشاط التعليمي ، فخلاصنا يكمن في أن ننجح في تطبيق البرنامج الوقائي الاحترازي ، فالوباء متقلب قد يتفاقم زمانياً ومكانياً ، والوضع يمكن ان يتطور بسرعة "لا قدر الله" ، ولا أحد يتوقع وتيرة انتشاره ، لذلك فمن الضرورة بمكان الحرص على تفعيل الإجراءات اللوجيستية في المدارس باستمرار ، كي ينطلق الموسم الدراسي القادم بصفة مريحة و بضامنة لكل شروط السلامة والوقاية ، ذلك بضرورة توفير شرط التباعد من خلال استراتيجية التفويج الطلابي ، فذلك من أهم الإجراءات الاحترازية التي يمكن ان تتخذ ، وبالمقابل لا بد من توفير الكمامات ومواد التطهير والمعقمات والمياه المعلبة وتطهير قاعات الدرس بتوفير المستخدمين للمساعدة على المحافظة نظافة المرافق الصحية في كل المؤسسات التربوية من أجل ضمان تطبيق البروتوكول الصحي تطبيقاً محكماً ، مع ضرورة تشكيل فرق الصحة المدرسية وتدريبها وتفعيل دورها ، خاصة بمرافقة الدخول المدرسي الصحي ، وتوفير اجواء وشروط تنفيذ الاجراءات الاحترازية ، ذلك بتشريك كافة اطر السلك التربوي من معلمين ومديرين ومشرفين واداريين وطلبة لكي يتم توضيح دور كل شخص في المنظومة الوقائية ، واكسابهم دروسا توعوية للحديث عن مخاطر الوباء وطرق العدوى وكيفية تجنب الاصابة بالفيروس ونقل العدوى الى الآخرين.
ان من الجحود انكار الدور الذي تقوم به وزارة التربية والتعليم خاصة فيما يتعلق بالمرحلة القادمة ، فالوزارة تقوم هذه الايام وفي هذه الفترة بإعداد دليل العودة الذي يعده ويشرف عليه خبراء في التعليم والصحة ، الذي يتضمن خطة العودة الأمنة للدراسة والتي تستند الى عدة ركائز أساسية تشمل آليات عمل وإجراءات يقوم فريق اللجنة باعدادها لضمان تغطية كافة الجوانب المتعلقة بعودة أمنه ، من خلال وضع آلية عودة متكاملة تغطي الإجراءات اللازم اتخاذها ، حيث اضافت أهدافاً هامة لخطتها تتعلق بخلق التوزان بين جودة التعليم وصحة وسلامة منتسبي كافة القطاعات التعليمية بما يضمن العودة الآمنة للدراسة التقليدية والمتمازجة ، وطرح المادة الدراسية بالتزاوج بين النظام التقليدي الحضوري للطلبة ، وبين النظام عن بُعد ، وذلك وفق معايير محددة ، مع التاكيد على اعتماد التعليم التقليدي المدمج بالكامل لكافة المقررات والمختبرات وورش العمل والتدريب ، وبالطاقة الاستيعابية لكل صف دراسي ، مما يضمن تعليم كافة المواد الدراسية حضوريا ، اضافة الى التاكيد على هدفين ، الأول جودة التعليم من خلال تحقيق التفاعل الأمثل بين الطالب والمعلم وتطبيق الممارسة الفعلية للجانب العملي والتدريب وتطبيق وسائل التقييم الفعلي لأداء الطالب ، فيما الهدف الثاني يتضمن صحة وسلامة منتسبي القطاع التعليمي من خلال ضمان العودة الآمنة للتعليم وتوفير بيئة آمنة لسلامة الجميع بالإضافة إلى تعزيز المسؤولية الفردية بالالتزام بقواعد واشتراطات العودة .
أخيرا فان اجراءات وزارة التربية والتعليم تركز على التحضير لعودة الدراسة قبل الموعد المحدد بفترة وافية ، وتهيئة الطلبة من خلال البرنامج الاستدراكي الصيفي الذي سبق واشرت ، والمتعلق بمصفوفة المفاهيم والنتاجات الاساسية ، ذلك لتغطية الفاقد التعليمي في مباحث اللغة العربية والرياضيات واللغة الإنجليزية والعلوم للصفوف من الأول ولغاية الصف الحادي عشر ، والتي تم إعدادها من قبل خبراء في المجالات التربوية ، والمتضمنة اهم المفاهيم والنتاجات الحرجة ومؤشرات الأداء المرتبطة فيها ، تلك المفاهيم الجوهرية المفصلية التي ان لم يتمكن منها الطالب سيكون هنالك خلل في مساره التعليمي والانتقال من صف إلى آخر أو من مستوى تعليمي إلى آخر .
بقي ان اقول ان العمل على تطوير خطة عودة الدراسة يتم على قدم وساق ويخضع للدراسة والمراجعة بصورة دورية ومستمرة استنادا الى المستجدات والظروف الصحية المحلية والعالمية ، ذلك بإقرار اللوائح والقرارات وتحديد الإجراءات بصورة واضحة وشاملة لكل المحاور لتعميمها على الميدان قبل عودة الدراسة ، مع مراعاة التركيز على الجانب التوعوي لكافة منتسبي القطاعات التربوية لتطبيق الاشتراطات الصحية والتنبيه بأي قرارات أو توصيات ترتئيها الوزارة سواء بالجانب التعليمي أو الإداري ، مع التوصية بضرورة تفعيل دور الجان الميدانية لضمان تطبيق إجراءات الخطة ، والتعاون والتنسيق المستمر مع المديريات في الميدان لضمان العودة الآمنة للطلبة وتلافي أي عوائق قد تواجهها
والله المستعان