قراءة في جرم الذم والقدح والتحقير
د.جلال الشورة
29-05-2021 11:56 AM
إن جريمة الذم والقدح والتحقير التي نص عليها المشرع الاردني في قانون العقوبات الاردني تعاقب كل شخص تعرض لاخر بالنيل من سمعته وشرفه وكرامته ونحن ليس بصدد ذكر العقوبة المقررة في القانون المذكور آنفاً بل في بيان هذه الجريمة وبيان مكانة الشخص الذي قام بهذا الفعل والدافع الذي ادى به لاتيان مثل هذه الجريمة.
عندما نمعن النظر في مسألة من مسائل القانون يتوجب علينا ان نضع بين اعيننا وفي آن واحد جميع نصوص القانون وان نأخذ بالحسبان سياسة الدولة التشريعية، دون ان نولي بالبحث علة القاعدة القانونية التي توارت بداخلها واوجبت على المشرع ان يشرع مثل هذه النصوص، فعندما يأتي المشرع بقاعدة قانونيه يكون بذلك قد راعى مصلحة المجتمع وبالنتيجة يكون قد راعى مصلحة الافراد هذا من جانب.
ومن جانب اخر نجد بان المشرع عندنا قد تنبأ في بعض الجرائم التي قد تأتي نتيجة افعال او اقول صدرت من الشخص الذي وقعت عليه الجريمة اي المجني عليه، وعالج مثل هذه الحالات بنصوص قانونية كذلك، كما هو الحال في ثورة الغضب، الدفاع عن النفس، جلب الشخص الحقارة لنفسه، يختلف الامر في واقع الحال حسب نوع الجريمة، وبما اننا في صدد جريمة الذم والقدح والتحقير فان من الممكن ان يكون سبب وقوع هذه الجريمة هو ما قام به المجني عليه نفسه من افعال او اقوال، ويكون بذلك قد جلب الحقارة لنفسه بنفسه، وفقا لما اتى به مشرعنا في قانون العقوبات الاردني.
كما ان الجريمة قد تقع من اشخاص عاديين كما قد تقع من اشخاص لهم صفة وظيفية او سياسية، ففي الحالة الاولى قد تقع بناءً على ملاسنات بين الجيران او مع غيرهم لاسباب خلافية قد تكون خاصة بهم، وقد لا تكون لها علاقة بذات الصفة، اما الحالة الثانية قد تأتي من موظف عام بمناسبة وظيفته او من شخص سياسي ليس له وظيفة عامة، الا ان جريمة الذم قد تقع بمناسبة موقف سياسي معين يهم الوطن، فلا بد لنا هنا من التفريق بين الامرين فالامر يختلف تماماً اذا ما علمنا بان مرتكب جريمة الذم والقدح والتحقير قد اتى بها نتيجة سيجال بين اشخاص قاموا بواجباتهم تجاه وطنهم، وكانت مصلحة الوطن هي العليا، وهاجسهم اتجاه وطنهم هو الأكبر، ولذلك لم يلقوا لعباراتهم اي اهتمام، وجاءت في بعضها اثناء تناقل الحديث يبنهم قد يفهم منها بطريقة او بأخرى توافر احد اركان جريمة الذم مثلا او القدح او التحقير، ونكون امام جريمة معاقب عليها بالقانون قد اتت بمناسبة دفاعهم عن وطنهم، الذي هو واجب عليهم كمواطنين واصحاب صفة بالدفاع عنه بشتى الوسائل.
لم يحدد عندنا المشرع الاردني من خلال قانون العقوبات المذكور اعلاه، الخلفية التي تجعل من سلوك الشخص سلوكاً معاقباً عليه، وبذلك يعتبر جرماً، حيث ان طبيعة الموظف العام او الشخص الذي يعتبر وفقا للقانون ذو صفة معينة، تختلف عن الشخص العادي في معرض قيامه بواجبه الاخلاقي والقانوني اتجاه وطنه الذي يفديه بروحه اذا لزم الامر، فالاصل بنا ان لا نقف امام عبارات بسيطة لا يلقي لها الناس في اغلب الاحيان اهتمام مقارنة مع الموقف الذي نحن بصدده في الدفاع عن كرامة وسمعة وطننا الغالي فهو يسمو ولا يسمى عليه.
وعليه، فان المجني عليه قد احدث ما يجلب الحقارة لنفسه من خلال ما اتى به من افعال او اقوال او تعامل مع الجاني باسلوب استفزازي استنطقه واخرجه عن طوره.
والله من وراء القصد،،،