يكاد ان يجزم اغلب المتابعين لشأن الشرق الأوسط ومراقبي حركة المجتمعات فيها ان الهوة الاساسية بين الانظمة العربية وبين مجتمعاتها نابعة من تعاطف الرأي العام العربي مع القضية الفلسطينية وتفهم انظمة عربية لاهمية وجود اسرائيل كقوة مركزية في المنطقة وهي معادلة وان تبدوا طبيعية لكنها تحمل دلالات عميقة تتعلق بالحماية والرعاية والعناية التي من المفترض ان تقوم بها هذه الانظمة للحفاظ على مفهوم السيادة والعامل الذاتي الذي يشكله النظام العربي لمجتمعاته.
وما بين المقتضيات السياسية التي تقف عليها الانظمة العربية وظروفها والمناخات الشعبية التي تخيم على الرأي العام فيها تكمن العوامل الاساسية الثلاث والتي من المفترض ان يقدمها النظام للمجتمع وذلك وفق القاعدة النسبية التي تعتمد على تقديم النظام لذاته بهدف تشكيلة للمرجعية السياسية والقانونية ولاعتباره الممثل الرسمي الذي يشكل بدوره للمجتمع درجة المنعة وعنوان الممانعة.
ومن الثلاث موجبات التي يحرص على تقديمها النظام لذاته والتي تتمثل في (الحماية والرعاية والعناية) وذلك لتحقيق ثلاث نتائج للمجتمع وهي (المواطنة والوطنية والانجاز )، فالنظام الذي لا يقدم ثلاث لن يحصل على ثلاث من المجتمع فيما تتفاوت النسبة بين ما تقدمه المجتمعات ومقدار احراز الاهداف والغايات المتوخاة في الخطط التنمية والنمائية واستراتيجية العمل التي يتم تطبيقها بمقتضى التقليل من تأثير الظروف الموضوعية على الحواضن الاجتماعية وذلك بحساب نسبة الموجبات على واقع المقتضيات في معادلة ميزان الحواضن على المجتمع. فالنظام الذي يقدم الحماية والرعاية والعناية بنسب متدنية لن يحصل في المقابل من المجتمع على نسب عالية من المواطنة والوطنية والانجاز، ولان هذه العوامل من العناصر الرئيسية الثلاث التي ترتبط عضويا بطريقة في الارتقاء بعامل الانتماء وتعظيم درجة الولاء فالانتماء للجغرافيا السياسية والمجتمع هو العامل الذي يكافح الفساد ويساعد على الابتكار ويبني منظومة مؤسسات ويقوم على تطويرها والولاء للنظام كما هو الولاء لفريق العمل في الاطار المؤسس يعتبر عنوان رئيس للتقيد بالضوابط والاطر الادارية في التنفيذ برنامج العمل على اكمل وجه حيث تعتبر ذلك من الاركان الرئيسية في تحقيق عناوين الانجاز، فالولاء للمؤسسة ان صلح صحت معه المنظومة الادارية واخذت المؤسسة بالنمو والنماء.
ومما نقدم نسطيع القول ان مسألة الاصلاح الاداري مرتبطة عضويا بالاصلاح السياسي فلا اصلاح اداري دون اصلاح سياسي لان مركب البناء مبني على سقوف متاولية وهي مصفوفة لا تتركب من اعلى لادنى بل تأتي من ادنى الى اعلى وان كان الاصلاح فيها يأتي من اعلى هذا لان تغيير بيت الهوم وهو المعنى بتغير منظومة العمل او إصلاحها إما بشكل شامل او شكل جزئي وهو ما يشكل جوهر المشكلة الادارية واساسها فالذي لا يمتلك الرؤية والرسالة وبرنامج عمل لا يستطيع تطوير الاداء او اصلاح المنظومة، لذا كان الوصف الوظيفي بحاجة الى حكومة سياسية تقوم على وضع برنامج يقوم على سياسية ادارية جديدة ويراعي فيها اصلاح نماذج العمل القطاعية التربوية والصحية والخدماتية وتعمل ضمن سياسية اقتصادية تقوم على تطوير نماذج العمل الزراعية والصناعية والخدماتية والمعرفية بحيث تقوم على تطوير نظم العمل لتكون من على مفهوم ( القالب العام) في تقديم برنامج العمل بحث تسعى لتأطير الحالة القائمة لولادة حلة جديد تنسجم في السياق مع الثقافة الاجتماعية وبيئة العمل الاجتماعية على ان تعمل هذه المنظومة وفق استراتيجية تنموية واخرى نمائية تستهدف عامل (الثقة) من خلال توسيع حجم المشاركة الشعبية تجاه صناعة القرار في خلال اصلاح ادوات المشاركة الشعبية التي اساسها قوانين الانتخاب والاحزاب والادارة المحلية كما العمل على الحد من ظاهر البطالة ومحدوية الدخل وذلك عبر توسيع رسالة البناء الوطني لتشمل الكل الجغرافي ومن خلال تطوير برنامج (الارض) الزراعي والعقاري، فان كل الاحداثيات المشكلة للبرنامج العام والبيئة المحيطة تشيير الى ضرورة ايجاد منطلق جديدة فى ظل انتهاء مناخات كورونا والانتهاء من تقليم اسرائيل في الدائرة المحيطة، فالمنطقة تكون على اعتاب مرحلة بحاجة الى صفحة جديدة ومن اول السطر.
(الدستور)