حلم يحملني إلى بوابات المسجد الأقصى
حسين دعسة
28-05-2021 04:13 PM
لم تتسع غيمة الصباح لكل ما وصل حرير الريح من طيور ويمام وحمام مطوق وسرو معتق من أعالي قمم سروان جوار بيت المقدس، كنا على صفحة عاشقة تلبسني والبسها، نتتبع حمى تحملنا في فضاءات الانتفاضة الي منازل المسجد الأقصى، نسمع أصوات اهل القدس، كل فلسطين وغزة، تصرخ في فراغ العدو، تلعن اليهود الصهاينة الذين دنسوا رحابة سماء القدس وسحر سورها وبواباتها.
طلبت حرير الروح، تبكي بحرقة:
-خذوني إلى ريح الجنة التي اسم عطرها المعلق في مباخر بوابات المسجد الأقصى.
قال الراوي، هيا بنا.
قالت:
-امهلني إلى أن يصدح صوت آذان الفجر،، ثم ادخل من بوابة الأسباط، ونلتقي في فضاء حرية تلك التكبيرات التي تغسل الروح والنفس.
سارت حرير، ترفل بوقار مهيب، هذب ثوبها يتراقص بين عطر وبخور ومسك.
أركن بين ردن واخر، التصق ببساطة الهادر فوق عيون البشر، الخفي كأرواح الشهداء، وبين مدخل بوابة حطة والأسباط، انزلي المجد، كحلم، أصبحت في وقوفي المبكر، سادنا للحلم الذي يمتد في روايات ورديات الراوي الذي وقف في المدخل، يراقبني، انتظرني وفتح دفاتر أخباره، بسمل وحوقل، استند الي جدار حجري يشرف على مدخل باب حطه وسمعته يقرأ:
.. لأي حالم، عندما يتفقد حلمه، يعيش اللحظة، يستمع بحرقة المناضل الى تكبيرات العيد من مئذنة باب الأسباط،.. وهو إذ يشاهد طيف شهداء مداخل المسجد الأقصى من داخل حرم المسجد، يراها في استدارتها، الوحيدة من بين المآذن الأربع الموجودة في الجهة الشمالية للمسجد الأقصى المبارك، تنعش ندى الفجر الساخن بين باب الأسباط و باب حطة.
رفع الرواية إشارات كثيرة نحو هلال المئذنة، يوشح صوته بطريقة كأنه يبحث عن طيف حرير الروح،.. وما أن بانت حتى تابع الراوي خيط بخور قادم من أسوار المدرسة الصلاحية، فتح مخطوطة ومسح دمع خفي:
-يا بني، للمئذنة فيض أسمائها فهي المئذنة الصلاحية لكونها واقعة في جهة المدرسة، وهي كما يعشقها أهل القدس، ويأشر لها؛ فباتت تعني لهم البوصلة.
.. على تلك البهجة، اجتمعنا بعد أن جسدت ازمان الأقصى جوهرتي الحريرية، ومسكنا اسمال الراوي، واسترحنا،جلست اركز ظهري على عتيقة من ساق زيتونة معمرة في ظل الساحات الواسعة، ومالت حرير الروح، تتأمل بقايا أشجار التين ونبات أصيل قديم من الاس العطري، واللبلاب المحير، وهنا نظر الراوي إلى بائع الكعك الذي يعج بالسمسم، الساخن الشهي، تناول معك فيه رائحة لا تخيب، حضن أمهات الشهداء، ومواقد تغالب الحلم الذي حملنا إلى مصاطب غنية بما فيها من حب وجمال وشهادة ونار ونور إلهي،.
لمعت عيون حرير الريح، إذ برق صوت طلقات الصهاينة، فلملم الراوي هدب عيناها واسمعها:
-يا بنيتي، امتاز الأقصى بمساحته الكبيرة، فالرحالة المقدسي البشاري (ت: 990م) يفاخر بأن الأقصى أكبر المساجد على وجه الأرض حينه، وأن أكثر الأشجار زراعة حوله هو الزيتون لاشتهار بيت المقدس بزراعته.
ارتاحت قصبات روح الروح، بلسم العطار والراوي،خففوا ما اتعب قلبها، أتم الراوي على تعب فأوجز:
-ذكر المؤرخ آوليا الجلبي وجود أربعة آلاف قنديل توقد بالزيت منتشرة في أنحاء المسجد المبارك.
وان من النباتات المنتشرة في ساحات الأقصى، الأقحوان، و الورد واللبلاب والأس،وشجر الطوبىو المحلب والحور والصفصاف، والرمان، وكذلك أشجار الأرز اللافتة للنظر،فهي تطالع مباهج الغيم، متوازنة الشكل، إلى جانب السرو والأعشاب.
تذكرت حرير الروح ان قرأت في مكتبة قريبة من بيت أهلها، ان ما يحيط بالمسجد الأقصى، سُمي باسم الأشجار التي بجانبها، فقبة موسى دعيت قبة الشجرة، وهناك مسطبة الصنوبر، ومسطبة الميس.
على حواف نهاية الرحالة، رتب الراوي صوته:
-للمسجد الأقصى المبارك 15 باباً، منها عشرة أبواب مفتوحة وخمسة مغلقة. أما المفتوحة فهي: باب الأسباط وباب حطة وباب العتم، وتقع هذه الأبواب الثلاثة على السور الشمالي للمسجد الأقصى. وباب المغاربة وباب الغوانمة وباب الناظر وباب الحديد وباب المطهرة وباب القطانين وباب السلسلة.
وهذه الأبواب السبعة تقع على السور الغربي للمسجد، وكلها مفتوحة وتستعمل من قبل المصلين المسلمين باستثناء باب المغاربة الذي صادرت قوات الاحتلال مفاتيحه عام 1967 ومنعت المسلمين من الدخول منه إلى الأقصى.
وأما الأبواب المغلقة فهي: الباب الثلاثي والباب المزدوج والباب المفرد وباب الرحمة وباب الجنائز، وتقع هذه البوابات في السور الجنوبي والسور الشرقي للأقصى. على أن الباب المفرد لا توجد له في الوقت الحاضر آثار واضحة في سور المسجد الأقصى المبارك.
.. طويت بساط الحلم، رأيت ما نبه انفاسي الى ذروة انتباهة حراس المسجد الأقصى، خوفهم من تشتت الحلم فنتوه عن الحق، والحق مصون.
(الرأي)