انحدر مجلس النواب إلى الحضيض حينما تداعت قواه إلى عقد جلسة طارئة من كلمة عفوية صدرت من احد النواب في لحظة انفعالية لا تعبر عن حقيقة موضوعية مقصودة وانتهى الأمر على عجل بتجميد عضوية النائب لمدة عام واحد وقطع مخصصاته المالية.
وأخذت القضية ابعادا كثيرة واثارت الرأي العام الأردني وأصبح المجلس على السنة الناس مثارا للتندر والاستغراب والاستهجان وراح كثيرون يبحثون في المعاجم عن معاني الكلمة فلم يجدوا لها إلا معان بسيطة لا تحتمل هذه الانعكاسات والقرارات.
لقد كانت ردة فعل مجلس النواب كبيرة الحجم ولا تنسجم مع حجم أثر هذه الكلمة ومفعولها مما يؤشر على أن هناك اسباب أخرى غير منظورة وراء هذا القرار وربما كان هناك جهات أخرى املت على المجلس اتخاذ مثل هذا القرار لحسابات لا نعرفها. والدليل على ذلك وقوع أحداث أخرى كثيرة في المجالس المتعاقبة لم يتم اتخاذ قرارات بشأنها مثل ما حصل في هذه المرة فقد رأينا في المجالس السابقة تهديدات بالسلاح وشتائم وتشابك بالأيدي وتراشق بكاسات المياه وكانت تنتهي بالاصلاح والتهدئة وتقبيل اللحى ولم تعقد لها جلسات طارئة على وجه السرعة ولم تاخذ ابعادا كبيرة كما حصل في هذه المرة.
والحقيقة ان المجلس اشغل نفسه في قضايا جانبية وثانوية ليست ذات بال في اوقات عصيبة تعاني فيها الأمة من الاعتداء آت الصارخة على أهلنا في فلسطين وفي القدس وأحياء القدس والدماء تنزف من الجراح والظلم يستشري.
ويضاف إلى ذلك المعاناة التي نشهدها في الداخل من انتشار الفساد والواسطة والمحسوبية وذهاب مقدرات الوطن وتضاعف المديونية وانحدار الوضع الاقتصادي وتفشي البطالة والفقر والحرمان وهي قضايا أولى بالاهتمام والمعالجة والبحث من قضية بسيطة عابرة لا تأثير لها على مجريات الحياة العامة.