بعد انتصار المقاومة في قطاع غزة بمعارك غير متكافئة القوى دامت إحدى عشر يوماً، زُفت خلالها اعراس الكثير من الشهداء الذين سطروا النصر بدمائهم وأرواحهم صاعدةً لبارئها أطفالاً ونساء وشيوخاً خلال قصف عدواني غاشم من قبل الكيان الغاصب المتعطش لدماء الأبرياء العزل والمدنيين، ومع كل روح صعدت إلى السماء رافقتها إحدى صواريخ المقاومة الممزوجة بحقها الشرعي كالمطر الغزير على كل أراضي الإحتلال الأثم.
ومن هنا بدأ سباق بعض قيادات القوى السياسية والشعبية على حمل الشعلة التي دفع ثمن إنارتها الأطفال والنساء والشيوخ بدمائهم العطرة على ثرى فلسطين الأبية، ليس لرفع راية نصر المقاومة وإنما لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية تجعلهم يخاطبون الشعوب والمقاومة بلغة الوصي الداعمِ لهما.
لم يتوقف الأمر على ذلك وحسب انما توجهت ونصب عينيها الشارع الأردني الذي اشتعل لنصرة أهله في حي الشيخ جراح والاقصى وقطاع غزة، موقف الشارع الأردني الذي كان ينادي بشعار (نحن لا نتضامن مع قضية فلسطين بل نحن أصحاب القضية) والهتاف من أجل الغاء اتفاقية الغاز المنهوب من الأرضي الفلسطينية والكثير من الشعارات التي أنعشت الذاكرة ووضعت قضية فلسطين على بوصلة معظم الدول.
لا بُد من الاشارة إلى الإجراءات الأمنية القاسية في بعض الأحيان للإعتصامات والوقفات التضامنية وآلية التعامل مع الاخطاء الفردية من قبلهم ومحاسبة مرتكبيها، في ظل غياب واضح للتمثيل الرسمي لربما لعدم وجود قرار رسمي يوازي قدر الغضب والسخط الشعبي الحقيقي على الإحتلال الغاشم الذي ظن ان اهل القضية قد نسوها.
المفاجأة التي صدمت الكيان المحتل وأيضا تلك القوى التي ارتأت ان تستغل الحدث وتعيد ترتيب أوراقها لتتناسب مع حجم هذه المفاجأة الشعبية كل ذلك على حد اعتقادي دون جدوى، السبب في ذلك إنشغال تلك القوى برأس القائمة واحقيتها على قيادة التحالفات ونحن لطالما اعتدنا على انشغالهم بهذا الهامش من الحدث، لا ننسى أيضا أن الوعي الموجود في الشارع الآن لا يتناسب مع سياسة التبعية لهذه القوى وإيمانهم ان الشعب هو قائد نفسه وقراره الفيصل في توجهاته المشروعة التي لطالما ما دُنِّست بسبب تدخل الآخرين بها.
مشهد يصعب التنبؤ به يعطي الأفضلية لصالح الجهات الرسمية بإعتبارها صاحب الجاهزية الأكبر لإحتضان هذه الجموع الغاضبة اذ لطالما اعتادت هذه الجهات التحايل بإفتعال مشاهد تشتت بها توجهات وتفكير الشعوب تفعل كما يفعل طائر (ملهي الرعيان) ليبعد الراعي عن قطيعه او كما فعل احد المسؤولين الذي تبنى قصة انقطاع التيار الكهربائي بسبب طائر كبير الحجم.
المضحك المبكي رغم ادراكنا لحقيقة هذه الاخبار الا ان مواقع التواصل الاجتماعي تمتلئ بها لغرض الكوميديا او للنقد الساخر من قبل الكثيرين ليسيروا على الخطوط التي رسمتها الجهات الرسمية دون ادراك كامل لذلك، لا تنسى مثال صورة الشاشة (السكرين شوت) والتعليقات على منشورات وصفحات الناطقين بإسم الكيان الغاصب عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تستفز الشعوب العربية للرد عليها سلبا لفهمنا المتواضع بما يسمى البروبوغاندا السوداء التي لا تقل تأثيرا وأهميةً عن البروبوغاندا البيضاء وهدفها الرئيس كمية الوصول والانتشار.
النصر لفلسطين العربية ولكل الدول التي قدمت الشهداء على ثراها وفي مقدمتهم أردننا الباسل الشريك في القضية والدماء.