تجاذبات الاختبارات المدرسية "عن بعد" وتداعياتها
فيصل تايه
26-05-2021 10:19 AM
لك ان تتخيل وأنت تصغي إلى مشكلات اولياء الامور مع ابنائهم في زمن "التعليم عن بعد" تلك المفارقات المشوقة التي ما زالت تفرضها تداعيات جائحة كورونا ، والتي ما زالت مستمرة في كشفت النقاب عن أساليب وطرق تدريس "ينتهجها" أولياء الأمور لم يسبق لك أن سمعت بها ، فالمواطن "ولي الامر" الذي لم يكن يتوقع ان يعيش عدة تجارب تعليمية مع أبنائه ، لم يتخيل يوما أنّ التعليم المدرسي من خلال " هذا النوع المفروض من التعليم سيأسره ، ويتحمّل النتائج المترتبة عنه من دون إيجاد فرصة للإفلات منه ، فجائحة «كورونا» لم تكتف بإحداث أسلوب عيش جديد للناس في إيقاعهم اليومي ، لا بل تمادت بنتائجها إلى حدّ طالت تفاصيل حياة الناس بتجاذباتها المختلفة.
لذالك ، وانت تتابع ما يتداوله المواطنون من تتعدد للمواقف والمشاهد والتي اما ان تكون "محرجة" او "مضحكة" او على سبيل "المعايشة" مع الواقع الحالي ، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي والتي تتناول "بالطبع" في مضمونها ما افرزه التعليم الافتراضي على أرض الواقع ، لدرجة ان ذلك أصبح "الشغل الشاغل" في أحاديث الأمهات في جلساتهن مع "الجارات" وفي "الصالونات" وحتى في اماكن العمل ، فالكثير من مقاطع الفيديو والصور "المتداولة" تحكي عن أداء بعض الطّلاب الفوضوي تجاه تعلمهم الافتراضي الاجباري وتجاه أساتذتهم وما يتأتى عن ذلك من ردود افعال ، خاصة حين متابعتهم للمنصة التعليمية ، فتجد ان الكثير منهم ما زالوا غير ابهين بهذا النوع من التعليم رغم توصيات مدارسهم المحفزة ، ومتابعة الاهل المستمرة ، وتعبهم وسهرهم مع فلذات اكبادهم الا ان الابناء ما زالوا يعتقدون انهم يعيشون فترة نقاهة وان التعليم الوجاهي الانتظامي آت لا محالة ولو بعد حين .
وزارة التربية والتعليم التي تتابع باستمرار عبر ما تقدمة من برامج وموضوعات ودروس من خلال منصتها التعليمية والتي تشدد على أهمية المتابعة من قبل عناصر العملية التعليمية كافة ، الا ان عملية ضبط الطلبة تبقى بنسب متفاوتة ، وما يعانيه المعلمون الذين يتابعون طلبتهم عبر المنصة في هذا القبيل يبقى نقطة في بحر المشكلات التي يواجهها الأهالي بسبب الإشكالات النفسية والفنية ، اضافة الى تفاصيل الدروس الافتراضية ذاتها وما يندرج عنها من استفسارات ، الا اننا لا ننكر دور المعلم في هذا الصدد ، فما بين متابعة حضور الطلبه ومتابعة الواجبات والامتحانات ومتابعة الاستفسارات ورصد العلامات ليدرجها "ضمن تقارير يومية تقدم للمدرسة" تتعاظم مسؤوليتة وتتنامى وفقا لمتطلبات العمل ولما فيه مصلحة الطلبة ، لكن ، فمن الضرورة بمكان تمتع اولياء الامور والطلبة والمعلمين وكل المُتداخلين في العمليه المدرسية التعليمية بالوعي الفردي والجماعي والتّجاوب الإيجابي مع التّوصيات التي من شأنها انجاح الإجراءات والتغلب على مجمل التحديات .
وتبقى المسؤولية اولا واخيرا على كاهل اولياء الامور فيما يتعلق بمتابعه ابنائهم وصولا لتحقيق الاهداف المرجوة ، لكننا نفاجأ ان البعض منهم وللاسف يتهرب من هذه المسؤولية حيث ما زال يلقي باللوم على أجهزة وزارة التربية والتعليم ، ونكران الجانب الإيجابي لعملية التعليم عن بُعد ، وهذا يدعونا الى أهمية دمج اولياء الامور في العملية التعليمية وضرورتها من خلال إشاعة الإيجابية والتفاؤل ، باعتبار ان ولي الامر عنصرا مهما للتفاعل أكثر مع أبنائه ، لأهمية الدعم الذي يقدمه ولي الأمر لأبنائه خلال هذه الفترة ، فما فرضته الظروف الصحية الناجمة عن وصولنا الى هذا الحد من تفشي فيروس كورونا ، يملي على وليّ الأمر استعادة دوره المفقود خلال العقود الماضية ، مع ضرورة أن يكون الأبوان جزءاً من العملية التعليمية، ويتحملا مسؤوليتهما عن تعليم ابنائهم .
اننا الان وخلال هذه الفترة ، ونحن نعيش موسم الاختبارات النهائية لكافة المراحل الدراسية ، نواجه بعض المفارقات المثيرة للعديد من التساؤلات ، فما نسمعه من روايات وترهات ابطالها أولياء الأمور أنفسهم ، حيث أن بعض اولياء الامور يحملون أنفسهم مسؤولية ابنائهم حتى في تقديم الامتحانات عنهم ، فما يهمهم في النهاية وللاسف "العلامة" فقط ، محاولين وضع وزارة التربية مجدداً في ارباك متعمد ومسؤولية جسيمة ، وتصوير الواقع الافتراضي عبر بوابة التعليم عن بعد وكانه لعبة تسلية اجبارية ، حيث يعتقد البعض ان "التعليم عن وبعد" بدا ناقصاً من دون تحقيق التفاعل الكامل بين الطالب والمادة والمعلم ، وهذا يلقي بالمسؤولية على ولي الامر نفسه ، فتهاون بعض اولياء الامور وللاسف سمح بانتشار ظاهرة التمادي في الغش وباساليبها المختلفة بين أوساط الطلبة ، بل وصل الامر عند بعض الطلبة واولياء أمورهم للاستعانة بتجار الامتحانات الإلكترونية واستاذة الدروس الخصوصية مقابل الاجر ، وهناك من لجأ من الطلبة إلى أساليب غريبة في الغش اكتشفناها بالصدفة حيث مجموعات الحل على الواتس اب ، ومساعدة الطلبة بعضهم والبعض او حتى بالإجابة عن بعضهم البعض .
بقي ان اقول ان المأخذ الذي يأخذ على أولياء الأمور ان البعض منهم ما زال يتكفل بحل الواجبات او الإجابة على اسئلة الامتحانات ، أو الاستعانة بمعلم خصوصي ، أو عبر الحلول من خلال محركات البحث ، وهذا بالطبع يؤدي إلى تغييب أهمية اكتساب العلم والمعرفة لمصلحة «النجاح»، حتى وإن كان وهمياً ، بل زاد الطموح لدى البعض في تحقيق «التفوق» والنسب المرتفعة ، لذلك فان هؤلاء لبعض القليل يخرقون المبادئ الصحيحة بانتهاجهم هذه الأساليب ، وكأن الغش أصبح حقاً مكتسباً ، بينما تغيب عيون الرقابة لدى البعض، فلا رقابة ذاتية، ولا رقابة أسرية، في مشهد يعكس صورة خاطئة لتكريس ثقافة الغش ، ومعاناة الطالب في ما بعد من ضعف تراكمي سيسبب له الكثير من الانعكاسات السلبية على مستوى تحصيل الدراسي ،فالهدف ولا واخيرا هو تحقق هدف التعليم الرئيس وهو اكتساب المهارات والمعرفة، والابتعاد عن ثقافة " الشهادة والنجاح هو المهم"