تحمل ذكرى الاستقلال في نفوس الاردنيين الكثير من المعاني الجميلة والذكريات الطيبة لوطن شكل على الدوام المظلة الآمنة التي احتضنت الجميع.
فالدلالة الاسمى تتجلى في النظام الإنساني الذي اثبت على الدوام تسامحه وانحيازه في خندق الوطن والمواطنين فهو لم يسجل عليه لغاية الآن أن لطخ يداه بدماء الأبرياء بل على العكس تميز بالصفح والتعامل الحضاري لكل من حاول الإساءة لرموز الوطن أو القفز على الدستور العقد الذي بقي على الدوام صيغة التعامل بين الحاكم والمحكوم.
والدلالة الثانية تسمو في التضحيات الكبيرة التي قدمها الجيش العربي المصطفوي دفاعا عن تراب الأردن الطهور لا بل امتدت أياديه الشريفة إلى كافة أصقاع الأرض وما قبور الشهداء والدماء الزكية التي روت ارض فلسطين الحبيبة إلا شاهد عيان على بطولات الجيش العربي.
وتظهر الدلالة الثالثة في حالة التوأمة والالتصاق الجغرافي والديني ناهيك عن روابط العرق والدم بين الشعب الأردني حيث ضرب الأردن نموذجا رائعا في التآخي والتسامح وقدم كل ما يملك في سبيل الحفاظ على الهوية الفلسطينية ورعاية المقدسات الإسلامية في القدس الشريف فبقي السند والعون للأشقاء والداعم لهم في كافة المحافل رغم انه يدفع دائما فاتورة موقفه الشريف والنبيل أمام عقلية القلعة الإسرائيلية والأقلام المأجورة والمنظمات التي نصبت نفسها المدافعة عن حقوق الإنسان تحت غطاء الشحدة والوقوف على أبواب سفارات الغرب التي تحاول دوما تغذية أي نشاط يستهدف الإساءة للمملكة والنيل من مواقفها تجاه الأشقاء وما خطابات جلالة الملك في عواصم صنع القرار الدولي في تعرية صورة الكيان الصهيوني البشع وممارساته اللانسانية إلا دليل على أن الأردن لم يساوم يوما على موقفه التاريخي رغم ظروفه الاقتصادية الصعبة.
وتبرز المعاني السامية لذكرى الاستقلال ايضا في النهضة الاردنية الكبيرة على كافة الصعد ما جعل الاردن يشكل نموذجا في دول المنطقة وما البنية التحتية الهائلة إلا دليل على نهضة البلد مقارنة مع دول المنطقة التي تمتلك ألاف المليارات ولكنها ما زالت متأخرة وهذا الشيء ليس مديح بل باعتراف السائح العربي والأجنبي للأردن.
ومن المعاني السامية للاستقلال أن الأردن اثبت انه لا يخشى التحديات بل أعطى مثلا في استيعاب وامتصاص جميع التغيرات التي طرأت عقب موجة الربيع العربي حيث سارع إلى ركوب قطار الإصلاح وعدم التخلف والتستر وراء عباءة السلطة والحفاظ على الكراسي إذ أن ما أنجز خلال العام المنصرم والعام الجاري يشكل نهضة سياسية تقدر في تاريخ الأردن المتواضع.
وتسطع الصورة المشرقة للاستقلال في التنوع الديمغرافي الذي شكل نقاط قوة ومنعه للبلد على عكس الدول الأخرى شكل معول هدم وتدمير فمراعاة حقوق إخواننا المسحيين والشيشان والشركس في مقاعد الانتخابات البرلمانية ما هو الا دليل على جدية وصدق النوايا على تمثيل جميع الاردنيين في الحقوق رغم أن بعض التيارات السياسية تطالب بإلغاء هذه المقاعد.
وتتجلى معاني الاستقلال في ذات الإنسان الأردني العصامي الذي قهر الظروف وشق الصخر ليرى الشمس حتى أصبح مضرب المثل في تقدم نمط التفكير العقلاني ولا تكاد تخلو دولة في العالم من كفاءة أردنية في جميع حقول العلوم الطبيعية والإنسانية حتى أن هذا الوطن أصبح يصدر هذه الكفاءات المميزة لسببين أولهما نقل رسالة الأردن الحضارية وسفير الوطن المعنوي والثانية رفد ودعم الاقتصاد الوطني.
وتسمو معاني الاستقلال في السنة الحميدة التي اختطتها القيادة في إقامة وبناء مئات الوحدات السكنية للأسر العفيفة في مختلف أنحاء المملكة مما لم تسعفهم ظروفهم الاقتصادية على إيجاد منازل لهم تؤويهم حر الصيف وبرودة الشتاء بينما نشاهد من خلال وسائل الإعلام والفضائيات أن الملايين من البشر في العالم ينامون بالقرب من المقابر وحاويات القمامة بينما يتحدث الساسة لديهم عن حقوق الإنسان.
وكل المعاني السابقة ما كان لها أن تنمو وتترعرع في ظل العقلية العرفية ونمط التفكير الديكتاتوري والسلطوي بل أن مناخ الحرية واحترام الذات الإنسانية وإعلان الحرب على الفساد أسهم ولو بشكل مقبول في إزالة جميع العثرات والثغرات التي كانت تشكل حائط المنع والصد بين السلطة والشعب.