حوارات الفايز .. فضيلة البدء
د. نضال القطامين
24-05-2021 06:48 PM
ينهض فيصل الفايز، وفق إرثه السياسي الكبير، بواجب قذف حجارة السجال وسط مياه مشاريع الإصلاح السياسي الراكدة، ويحاول تأطير نقاط البدء في تغيير القوانين ذات العلاقة، حيث يتحدث في حواراته المفتوحة عن قوانين الإنتخاب والحكم المحلي والأحزاب.
لقد مَنحَ انصراف الحكومات نحو حلول مرتبكة لمشاكل الإقتصاد المتلاحقة، منبرا عاليا للفايز كي يبدأ التقاط إشارات الملك في إنفاذ الإصلاحات السياسية وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية، وهو يشرب في ذلك من ساقيتين غزيرتين؛ أولهما انه سياسي استثنائي ذو خبرات كثيفة في العمل التنفيذي والتشريعي، وثانيهما، أنه رئيس أحد غرفتي التشريع في البرلمان المناط بها أصلا، مهمة التخطيط لهذه الإصلاحات.
تشكل الحوارات التي بدأها دولة أبو غيث، قواعد مهمة تمهد لحوار وطني، وتكرّس في طرائق إنفاذها، أهمية معرفة ما يطلبه الناس في مشاريع الإصلاحات المختلفه، لكن الأهم هو أنه يملك فضيلة البدء إزاء إحباطات وطنية عامة كرّستها قوانين الإنتخاب التي ما زالت تدور في فلك التمثيل الضيّق، وقوانين الاحزاب التي كبّلت النهوض الحزبي في المجتمع، وقوانين الحكم المحلي الشائكة والمتداخلة في المهمات وفي الأدوار.
يؤكد الفايز في مستهل الحوارات، أن مرجعية الكلام هي الثوابت الوطنية وأوراق الملك النقاشية. هذا مهم جدا لجهة خارطة طريق الإصلاح السياسي. إنه يقف وجها لوجه مع الناس، ويسمع ما يرغبون.
لكنه يؤكد أن حراكه السياسي ليس انتقاصا من دور أحد، إنما هو إسراع في استنهاض ما هو متأخر جدا من إصلاح سياسي يليق بالدولة الأردنية وبسجل أداءها القومي والعالمي.
واضحٌ أن أحد أسباب هذه المبادرة هو تراجع الثقة العامة للناس في أداء بعض مؤسسات الدولة. وواضح أن الأردن قبل الربيع العربي وقبل الوباء العالمي هو غير ما بعدهما، وأن ثمة حاجة ماسة لتلمّس مواطن الخلل في الأداء الوطني وإصلاحها، حيث نأمل مع دولة أبي غيث باستعادة هذه الثقة عبر البدء بمعرفة ما يريده الناس، وأن تكون طاولة الحوار مفتوحة على كل احتمالات النقاش، وواسعة لتصل إلى اتباع سياسات تحقق النمو الاقتصادي وتشجع الاستثمار، وتصويب اختلالات الإقتصاد وسوق العمل ومعدلات البطالة التي يتناسل الفقر في ثناياها.
قلت في كلام سابق، ان جلالة الملك متقدمٌ علينا جميعا في العناية بهذا الشأن. لقد قال في أوراقه النقاشية إنه يطمح لحكومات برلمانية تفرزها أحزاب ممثلة، وأن علينا جميعا، أن نسند مشروع جلالته السياسي المتقدم، وأننا مارسنا خطيئة العدول عن نهجه القويم في انتخابات المجالس النيابية وفي تشكيل الحكومات التالية، في نموذج واضح للتنازل عن قواعد النظام السياسي المأمولة.
واليوم أقول، أن استمرار غياب المشروع الإصلاحي الوطني سيعمّق خندق الفصل بين ما يريده الملك ويريده الناس وبين الواقع التنفيذي الراكد، وأنه لا يمكن القبول باستمرار الحياة النيابية ديكورا جميلا، وأن المسألة تتعلق بوجود نظام حزبي مترسّخ في الشارع وبوجود مرشحين لا تفرزهم سوى شروط الأحزاب المتعلقة بالكفاءة الفنية والقدرة على نقل صوت الحزب ومبادئه، ثم بقوانين الإنتخاب التي لا تكرّس طائفية ولا جهوية ولا تمضي بالإنتخابات في طريق واحد، فيما تقتضي البداية، حوار وطني عام، يستهدف استعادة الأدوار العربية والعالمية للدولة الأردنية عبر تكريس اصلاحات سياسية تؤمن حياة ديمقراطية قويمة.