أمي..
نبضه تلو الاخرى تعلو قليلا وما تلبث أن تعود للانخفاض.. وأنا لست أنا فانكساري والمي تماما كتلك النبضات هي وحدها من كانت تقودني لذاك الالم الموجع..
نبضة تلو الاخرى وأنا أتبعها كلما انخفضت حلقت روحي لمكان آخر كنت أنت به سيدة أيامها..
لم أكن وأنا أتبع تلك النبضات ضعيفة فحسب بل كنت منهزمة متعبة أشعر بالألم يتسلل لثنايا الروح وكأن الحياة أمام تلك اللحظات تجمدت تماما..
كنت أتبع نبضات قلبك وهي تشارف على الرحيل علني أتمكن من التقاط نبضة واحدة تبقيك لي..
لكن واجهتني تلك بتوقفها تماما وانا ما لا زلت احدق بها علها تعود ولو مرة واحدة من جديد..
ذاك تعب الروح والم القلب لا يزال نابضا بانفاسي كلما استعدت ذاك اليوم لادرك حجم وقيمة نبضات قلبك التي لطالما كانت لي الحياة ولكن الم توقفها هزمني كثيرا..
كم هو موجع رحيل من نحب.. كم تصبح اوراقنا متعبة وكأنها كبرت مئات السنين بلحظة واحدة..
ولست بمتعبه بقدر ما انا فقدت جزءا كبيرا من ذاتي.. لهفتي للايام.. حب كبير رافقني منذ ان اعلنت وجودي بالحياة ولم يتخل عني لحظة واحدة كظلي وكانفاسي..
وغاب..
وانا اراقب ذاك الغياب يوما تلو الاخر يترك بصماته على ايامي وينسج لي غربة قاسية لم اكن لاشعرها بوجودك
لا شيء يشبهك.. لا البشر ولا الأمكنة
ملامحك.. رائحتك.. أنفاسك.. مختلفة لا تتكرر لذلك يصبح غيابك اكثر الما ووجعا..
لم اشعر حقا بسنوات العمر وكيف يمكن لغياب ما ان يسرق بريقها الا لحظة غيابك.. عدت طفلة كل ما تحتاجه ان تشرق عليها شمس يوم ما وهي لا تزال تحتمي بظل العمر واجمل صورة.. فلا تشعر بوجع الغياب ووحدة ذاك الرحيل..
مضيت.. ولم تغيبي عن ثنايا الروح
مضيت ولا زلت مسكونة بك.. بملامحك بصوتك بمكانك.. لا زلت أقرب إلي من كل البشر حتى برحيلك..
وحده رحيل «الام» يعلمنا جيدا كيف نفقد طفولتنا.. كيف نكبر سنوات وسنوات عندما تتوقف نبضات قلبها..
وحده رحيلها يشعرنا بوحدة وغربة الايام لاننا ندرك جيدا ان لا قلب يشبه قلبها ولا احتواء كأحتوائها لنا ولا وطن كوجودها.. ولا ملجأ حقيقيا الا هي..
كم نتغير.. ونكبر.. ونتعب بغيابها..
«أمي» كنت الاجمل باوراقي وكانت حروف اسمك حاضرة بها.. غبتي ولا تزال اوراقي مضاءة لانك بها بثنايا الروح
أمضي.. وأودع طفولة ابت ان تفارقني الا برحيلك..
(الرأي)