مهلا .. لا تزاودا على الأردن
د. عدنان سعد الزعبي
23-05-2021 01:18 PM
نعود ونؤكد بأن علاقتنا بالقضية الفلسطينية هي علاقة حتمية تنطلق أساسا من ادراك الأردن لمصيبة هذا الشعب وحقه في إقامة دولته وتقرير مصيره على ارضه بدل هذا العذاب والشتات الذي لم يتحمله شعب في الدنيا كما تحمله الاشقاء الفلسطينيين وخاصة في الداخل .
لا نريد ان تكون سياستنا كما يريد او قاله بعض كتاب الاعلام في الخارج مجرد بورصة مرة في اليمين ومرة في اليسار ، لأن الأردن عندما ارتبط بالقضية الفلسطينية انما انطلق من حرصه على الشعب الفلسطيني وقضيته وحقه دون التمييز بين اقطابه السياسه التي تتغير من زمن لزمن , وكانت ثوابته في هذه القضية ما يريده هذا الشعب وما يتطلع اليه مع احترامه وتقديره لكل المكونات السياسية بفصائلها ومنظماتها . فالاردن لا يفرق بين من يعيش في غزة وتحمل الكثير ومن يعيش بالقدس وتحمل ما تحمل او يعيش في بيت لحم او رام الله او أي بقعة في فلسطين .
فالحرب على غزة التي انتصرت للقدس كما انتصرت لرام الله ، لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة ،حيث لكل حرب معطياتها ونتائجها وابعادها . ونحن في الأردن اخبر دول وشعوب المنطقة بدينماكية الموقف العالمي وطريقة تفكيره ، فلا يحق لاحد ان يكون ناطقا باسم أمريكيا واروبا ليعبر عما تفكر فيه وما تسلكه، ويقولها ما لا تقوله.؟!
مفتاح غزة أساسا ومتنفسها هو البحر الذي ترقبه إسرائيل بكل دقة وتحد من حركة أبناء غزة فيه . ولم يبقى غير معبر رفح الذي يمثل بوابة غزة على الحياة وعلى العالم ولهذا فان الطبيعة الحدودية ومصالح غزة ارتبطت بشكل حتمي بالشقيقة مصر ،حيث يدرك صناع القرار في غزة ضرورة الموائمة العميقة مع مصر وأهلها باعتبار معبرها هو المتنفس الوحيد للتفاعل مع الحياة والعالم من حولها .
ونحن نعلم جميعا كيف عاشت العلاقات المصرية الغزاوية بصورها المتقلبة ، وشهدت تحديات صعبة خاصة بعد حكم مرسي وكيف تم تنفيذ برنامج هدم الانفاق السرية التي ربطت غزة برفح. وماذا يعني اغلاق معبر رفح ؟! فكانت تطلعات الشعوب العربية كما هو الشعب المصري الوقوف مع اهل غزة وعلى الدوام بغض النظر عن واقع العلاقة بين الأنظمة . لهذا فان الفكر السياسي الأمريكي والاروبي الذي يريد الوصول لوقف دائم لاطلاق النار والتزام الطرفين الفلسطيني (غزة) والإسرائيلي بذلك يحتاج لاطراف إقليمية قادرة على ضمان ذلك وخاصة تلك التي ترتبط مع المتحاربين بمصالح مصيرية .
وهو ما يؤيده الارادن ويسعى اليه من خلال التنسيق مع الشقيقة مصر والصديقة الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وروسيا ، والمنظمة الدولية الأممية . فنحن لا نتصيد المواقف لاثبات دورنا بل نسمو ونرتقي عن هذه السفاسف الى مواقف تعرفها الإدارة الامريكية وتثق بها ، ويدركه الاتحاد الاروبي ويعتمده في قراراته تجاه الشرق الأوسط .
فماذا تريد مثل هذه الابواق من محاولة تنميط الدورالأردني بالمهمش ووسم الموقف الحكومي بالضعف ، لنتساءل ،هل بالإمكان افضل مما كان . ؟! ، وماذا فعلت الدول العربية وغير العربية اكثر من ما قدمةه الأردن في الموقفين الرسمي والشعبي ؟ غير الخطابات والشجب والاستنكار ؟ هذه الابواق التي تتحدث عن تجاهل دولي للاردن تجاه عناصر الحل التي وكما يقول بانها اتجهت باتجاه مصر وقطر ، يجب ان تعي بأن كواليس السياسة ، والجهد الخفي والعميق هو الذي يحقق النتائج وليس البروبغاندا الشعبوية التي تضر ولا تنفع وتخدع الرأي العام بادواتها التي تصرخ عبر وسائل الاعلام . وهذا الذي يحرص عليه الأردن دائما بالوصول للنتائج .
فالدوبلماسية الأردنية التي قادها الملك واضحة في محادثاته مع الرئيس الأمريكي بايدن عدة مرات ووضع الإدارة الجديدة تحت الاختبار الذي ارادته الحكومة الإسرائيلية ان يكون مهمشا ضعيف لا قرار له.فالملك ووزير خارجية الأردن وبالجهود المكثفة ، وضعوا الإدارة الامريكية بصورة الموقف وخطورته ودواعي الحكومة الإسرائيلية ومخططاتها , والنتائج الخطيرة التي اثارت الشعوب العربية والإسلامية والمتعلقة بالقدس ، والتحرش الإسرائيلي بالمقدسات الإسلامية والمسيحية وافتعالها المشاكل والتحديات. وهذا ما اثبته الواقع الذي نقله الاعلام من تدمير وابادة، وهو ما دفع بالموقف الأمريكي والاروبي ليكون حازما وصارما مع نتنياهو وافكاره الهدامة تجاه الامن والاستقرار في المنطقة باعتبار ذلك امتحان واضح لقدرة الإدارة الامريكية الجديدة في كبح جماح التهورات الإسرائيلية بضرب النداءات الامريكية والاممية والعالمية بعرض الحائط .
ان الجهد الرسمي الأردني تساوى وتوازى مع الجهد الشعبي الذي عبر عن موقفه الصارخ تجاه القدس والمقدسات وارواح الشعب الفلسطيني التي يعبث بها من قبل صهاينة الفكر والسلوك . وماذا نريد اكثر من هذا الانتصار على جمح المخطط الإسرائيلي وتوحيد الامة تجاه القضية الفلسطينية التي عادة كأولوية عالمية على أجندة البحث
لا يجوز ولا يحق لاحد ان يشكك في موقف الأردن ويزاود عليه مدعيا بالتجاهل الدولي . فالقضية ليست استعراضية والموقف الأردني واحترام العالم له معروف ومشهود؟ . وهنا لا بد من الإشارة الى ما لم تشير اليه تلك الأقلام من أن هناك توافق دائم بين دول الطوق والاشقاء العرب حول أولوياتها تجاه القضية الفلسطينية تتمثل بحماية هذا الشعب بغض النظر عن الأدوار التي تتاح لكل طرف حسب موقعه ومصالح الاخوة الفلسطينيين معه. فالتناغم موجود والادوار محفوظة ويقدرها العالم ويعيها .