الحرب المزلزلة التي وضعت أوزارها في فلسطين قبل أيام ستكون حدثاً تاريخياً يستقطب الباحثين والدارسين ورجال السياسة والحرب للإدلاء بدلوهم حول الإحدى عشر يوماً من المواجهة بين فصائل المقاومة في غزة وجيش الاحتلال الاسرائيلي، وسيتناول كل منهم هذا الحدث من وجهة نظره، ومن الزاوية التي يراها الأنصع والأصدق، وسنستمع للخبراء كلٌ في مجال اختصاصه حول ما أنجزته المقاومة، رغم خسائر الحجر والبشر.
لكننا بهذه المقالة نرصد ما باحت به سيدتين عن موضوع هذه المواجهة المزلزلة، السيدة الأولى هي سيدة يهودية التي تتحدث في مقطع فيديو تقول به:
"أنا يهودية وأحمل الجنسية الأمريكية بالاضافة الى الاسرائيلية وقد عشت في اسرائيل لمدة ثلاث سنوات ونصف وشاهدت أساليب القمع التي تمارسها اسرائيل وشاهدت الحواجز وسرقة البيوت والهدم والتمييز العنصري حتى بتوزيع لقاح كوفيد 19، وكذلك الزج بالسجون للسكان العرب لأي سبب، وإنني أقف الى جانب فلسطين حرة، وإن هذا الحقد والكراهية من دولة الاحتلال يجب أن ينتهي، لقد تبين لي أن أهل فلسطين يعيشون في سجن واسع ومفتوح، لقد كشف قصف غزة عن عيني الغباش، أقول لليهود هذه الوحشية يجب أن تتوقف"، وتنهي هذه السيدة كلمتها بالبكاء.
واذا تمعّنا هذا الموقف الصادر من سيدة يهودية تحمل الجنسية الاسرائيلية فإننا نؤكد انها ليست الوحيدة، فقد تكرر ذلك لدى أكثر من اسرائيلي ويهودي، وعندما نتذكر الكاتب اليهودي "نعوم تشومسكي" والسيناتور الأمريكي اليهودي "بيرني ساندرز" الذي يكافح الآن من أجل وقف تمرير صفقة الأسلحة الدقيقة الأمريكية لاسرائيل وينادي بحق الفلسطينيين في فلسطين حرة، وبعض الطوائف اليهودية التي تدعي أنها فلسطينية وأنها مع الدولة الفلسطينية ندرك أن ليس كل اليهود صهاينة وعصابات مغتصبة، وإن عِدائنا يجب أن يكون موجهاً لليهود الصهاينة، وليس على أساس ديني، وأننا يجب أن نستقطب هذه الأصوات ليقفوا معنا في الصف الأول في مواجهة دولة الإحتلال والإنحياز الرسمي الأوروبي والأمريكي.
أما السيدة الثانية فهي مغربية تتحدث من أقاصي بقاع المغرب وتحديداً من مدينة وجدة، وهي سيدة في الخمسينيات من عمرها تتحدث اللغة العربية بطلاقة وتملك موهبةً خطابيةً بليغة، وكانت تستنهض الأمة وتُشيد بمقاومة غزة وتقدم اعتذارها لأنها بعيدة وأنها لا تستطيع إلا أن تقدم صوتها وتبرعها مع الجماهير المحتشدة حولها، الذين كانوا يرفعون أعلام فلسطين ورايات الدعم وبشائر التحرير، ولا تقف هذه السيدة عند ذلك، بل تُسقط جامَ غضبها على الزعماء العرب الذين لا يسّيرون الجيوش لنصرة إخوانهم في غزة المحاصرة من القريب والبعيد.
نموذج هذه السيدة المغربية الذي هو بالتأكيد قد تكرر في كثير من دول العالم وكذلك الدول العربية، يؤكد على وطنية شعوبنا العربية التي لا ترغب بالتطبيع وأما اتفاقيات التطبيع ليست أكثر من أوراق بروتوكولية محفوظة في أدراج المسؤولين المغلوبين على أمرهم.