الشركات الوسيطة (خطر حقيقي يهدد مهارات الباحث العلمي)
د. عبدالرحمن التخاينة
23-05-2021 09:06 AM
مؤخراً، وفي عالم البحث العلمي والنشر في الدوريات العالمية المحكمة (Scopus , Web of Science……) والتي أصبحت حاجة أساسية ومهارة ضرورية يجب تحققها في الباحث والأكاديمي على حد سواء ومطلباً أساسياً للتعيين والتوظيف والترقية في مختلف القطاعات، أصبح البحث العلمي هاجساً لدى العديد من الأكاديميين وطلبة الدراسات العليا وغيرهم، مما شجع ظهور العديد من الشركات الوسيطة التي تسهل عملية النشر على الباحث، إما عن طريق الترجمة، أو تنسيق البحث ضمن شروط المجلة، أو اختيار المجلة المناسبة للموضوع ومراسلتها، وفي بعض الأحيان كتابة البحث بشكل كامل أو القيام بالأمور السابقة مجتمعة، وذلك مقابل مبالغ باهظة تقدم من قبل الباحث العلمي.
يكمن الخطر الأكبر في هذه العملية في تراجع مهارات الباحث العلمي التي من المفترض أن تتطور وتتقدم مع مرور الوقت، لا أن تتراجع حتى تفنى، مما يخلق جيلا من أكاديميين وباحثين ليسوا بالمستوى المطلوب في إعداد ونشر البحث العلمي الذي يعتبر الورقة الرابحة والرهان الناجح في يد دول العالم نحو التنمية الشاملة والتطور الذي لايتحقق إلا به. وبذلك تعتبر هذه الشركات الوسيطة خطراً حقيقيا خاصة عندما تلعب دور الوسيط في النشر متجاوزة حدودها المشروعة، مستغلة مادياً الباحث أو الأكاديمي للنشر ومساهمة بشكل مقصود أو غير مقصود في تراجع مهاراته البحثية في إختيار المجلة وتنسيق البحث والمراسلة وإجراء تعديلات المحكمين وغيرها.
هنا يجدر التنويه بأن المسؤولية تقع على عاتق الدولة والمؤسسات التعليمية حول ضرورة متابعة هذه الشركات ومساءلتها قانونياً خاصة تلك الشركات التي تتجاوز الحدود المسموح بها في التعاون الأكاديمي ضمن حالات خاصة، حيث لا ضير من تقديم مساعدة الترجمة للأكاديميين والباحثين من الجامعات الناطقة باللغة العربية ولكن عندما تتجاوز حدود المساعدة لآثار سلبية تعود على مهارات الباحث هنا يجدر التنويه. خاصة أن معظم هذه الشركات تتعامل مع مجلات تجارية ربحية ذات سمعة سيئة تثير الشبهه نحو الباحث والمؤسسة التي يتبع لها.
وفي ظل التسابق العالمي التقني والعلمي والتكنولوجيا التي تسعى الى حرق المراحل الزمنية يقع على عاتقنا كأكاديميين وباحثين تسليط الضوء على القضايا والمواضيع المتعلقة بالبحث العلمي، تحليلها ومعالجتها، وإيلاء إهتمام أكبر بالبحث العلمي ليكون لنا دورا ضمن هذا السباق العالمي قبل أن يدركنا الوقت.
* الجامعة الأردنية