ارتفاع غير مبرر لاسعار الذهب
عبد المنعم عاكف الزعبي
23-05-2010 06:33 AM
كثيرة هي التبريرات التي وضعها المحللون للارتفاعات القياسية التي طرات مؤخرا على اسعار الذهب. فمن المحللين ما عزى تلك الارتفاعات الى كون المعدن الاصفر ملجا امنا وقت الازمات، و منهم من اعتبر الذهب سلاحا يتحوط به من التضخم و تراجع قيمة العملات الورقية, بل ان بعضا من المحللين اخذ يدعي بان الاقتصاد العالمي عائد الى العملة الذهبية لا محالة.
تدعو الموضوعية الى الوقوف عند الاطروحات السابقة و محاولة تقييمها بالاستناد الى الحقائق الاحصائية و الاساسيات الاقتصادية. فهل المعدن الاصفر ملجا امن فعلا؟ وهل يساعد الذهب فعلا على التحوط من التضخم؟ و هل يعد الذهب بديلا عمليا للعملات الورقية؟ و اخيرا, هل هناك فعلا تحول في الاحتياطيات العالمية للعملة الصعبة باتجاه الذهب؟
النفي هو الجواب الوافي للاسئلة السابقة.
فوعودة الى اسعار المعدن الاصفر تاريخيا, نجد معدل تذبذب قيمة الذهب الاكبر مقارنة بكل العملات العالمية الرئيسية من دولار و يورو و جنيه استرليني ..الخ. اما بالنسبة للتحوط من التضخم, فلا بد من الاعتراف بان القطاع العقاري و اسواق الاسهم تفوقت على الذهب في معظم فترات التضخم المتصاعد. كذلك, يستطيع المستثمر التحوط من التضخم بشكل مباشر من خلال شراء السندات المرتبطة بمؤشرات اسعار المستهلكين دون المجازفة بشراء الذهب الذي قد يسبب تذبذبه خسارة فادحة لمشتريه. هذا و يجدر بالذكر ان ارتفاع الذهب المؤخر جاء برغم ان التضخم في الولايات المتحدة لا زال قريبا من الصفر ما يتوقع ان يستمر طالما ان معدلات البطالة مرتفعة و اسعار النفط ضمن مستوياتها المعقولة.
اما موضوع استبدال العملات الورقية بالذهب، فلا يبدوا امرا عمليا خصوصا مع صعوبة و ارتفاع تكلفة نقل الذهب الحقيقي و انعدام الفائدة عليه. و تاكيدا على ذلك، لم تلجا البنوك المركزية العالمية حتى الان الى تحول رئيسي باتجاه المعدن الثمين. فمع تزايد احتياطات الدولار العالمية من عام 2009 بحوالي ال 17%، لم تزدد احتياطات البنوك المركزية من الذهب باكثر من 2%.
قد تكون المضاربات و نفسية المستثمرين التي قد تفقد الثقة في النظام النقدي العالمي الحديث وراء الارتفاعات الاخيرة في اسعار الذهب. لكن ذلك بالضرورة لا يعني ان الذهب ملجا امن او انه يحمي من التضخم او ان عودته كبديل للعملة الورقية قابل للتنفيذ.