بوابات القدس .. حرير الجنة
حسين دعسة
21-05-2021 11:45 PM
في شوارع القدس، بواباتها، زيتونه الازلي، ممرات طرقاتها وظلال بيت المقدس، يبهرك خيط النور، نور إلهي، يحملني كأنني في حلم، باحثا عن حرير الجنة.
قال لي بائع التنباك في أطراف باب العامود:للجنة ممرات تسمو مع رائحة واحلام وآمال تلك الأنفاس والأرواح لكواكب درية من شهداء تعمدت أرواحهم مع تراب الأقصى المسجد، الأقصى المسرى والمرتقى.
كنت في بهاء حرير الروح، همساتك تعفر ذهبا يغلف جبهة ذاك الطفل الذي وشحته امه بالكوفية وعلم فلسطين.. ركض ينشد:موطني..
مــوطــنــي، مــوطــنــي
الجـلال والجـمال والســناء والبهاء
فـــي ربــاك، فــي ربـــاك
والحـياة والنـجاة والهـناء والرجـاء
فــي هـــواك، فــي هـــواك..
وسألتك لماذا بكيت؟. أنهم ت دموعك وقلت لي:
تعبت!
وغاب أثر الطفل، نال وهج النور المقدس، ارتقى غسيل ملائكة لا تبرح بوابات القدس، بوابات الشهادة.
على قمة سروة من سروات جبل المكبر، بين هدوء الاغصان النقدية، شممت رائحتك، لوحتي لي بالكوفية، كوفية الطفل، تعانقينها وتؤشرين لي، ان الحلم ينادينا، لنعيد دم الشهيد إلى صيرورة الحق، فالوطن، كل ذرة من ثرى فلسطين يحمل حلم ام او عروس، أو اب تاه بين البيارات او منفى السجون.
هي القدس.. وهي «انت. انت» تلك الزيتونة النادرة في طريق النور، صعود الشهداء، ووهج تلك البوابات التي تعيد لنا بخور السلسلة، وعيناك تركز من قمة السروة وسمعت، كنت اتأمل فتنة الأخضر في حضور الشهداء، يتبعون خيط الدم، وفتح الراوي المخطوط المضمخ بالدم والحكايات:
للأبواب في حاضرة القدس، حكايات وأسرار، وتعج بالحلم، لكل باب أحلامه وعشاقة، هي 11 بابا منها 7 مفتوحة و4 مغلقة، تحمل أسماء متعددة،تلك الأسماء التي عمدتها حرير الروح، وحلقت بزخرفها، تحلم بواقعة كل باب،
لفت الراوي الي خيط الحلم، وجدك في بهاء أزلي وغرد: اعلموا ان أشهر بوابات القدس، تلك التي عبر منها دم الشهداء، وكانت شاهدة:
باب العمود
ما ان يدخله العاشق حتى يقع في منتصف الحائط الشمالي لسور القدس، نتأمل ونرى لنعود إلى عهد السلطان سليمان القانوني، ونعاين تمائم ودموع ودماء تزين وتعطر قوس مستديرة قائمة بين برجين ويؤدي بممر متعرج إلى داخل المدينة-الروح.
ويظهر، اسم الباب من ذالك العمود، الموثوق في خريطة الفسيفساء التي عثر عليها في الكنيسة البيزنطية في مدينة مادبا وقد بقي هذا العمود شاهدا على مرور كل الشهداء.
باب الساهرة
يبكي الراوي، يؤشر لي، انتهى الحلم ها أنت تعبر، حاملا الاجراس وسيوف معتقة بالبهجة وشذا مسير الشهداء، انت في الجانب الشمالي من سور القدس، شرقي باب العمود.
كنا نلعب، نفرد أوراق ذاكرتنا لنردد حلم الدخول لملاحقة صهاينة اليهود، نتبع حرارة الروح، فالباب» الساهرة»، يغلق على ملعب ذكريات طفولة، فتحت عينها على تراب مقدس اسمه بيت المقدس.. بابنا، بسيط البناء، حيث بني ضمن برج مربع، حجارته مزخرفه، ويقول الراوي، ناظرا الي احياء القدس، انه كان يعرف باسم باب هيرودوتس.
باب الأسباط
اضاعتني امي في تلك الزاوية من يسار البوابة، وجدوني اتلفع بكوفية قديمة، نائما، راكزا ظهري على الحائط الشرقي المشبع برطوبة ترد الأنفاس.
باب المغاربة
.. وكنا نتجه في طريق سقاوتنا نحو الحائط الجنوبي لسور القدس، لنتأمل تلك الهدايا من كعك القدس الذي يغسل عجينه بالسمسم وزيت السيرج، نتذكر تلك القوس القائمة تغلف برج مربع، يحملك إلى يمامات تتيمم بما ترى من شغب المذاهب الي ظلال نخيل يعانق زيتون رومي، ونسبح مثل عطر الشهداء على سجادة حلم من ازاهير، تنهض كل عام لتحكي لنا عن احلامنا المعلقة بين باب وأرض عمدها شهيد وجريح.
باب النبي داود
في حلمي، أشاهد تلك الابتسامات النادرة لرفاق الانتفاضة، كنا نقف حد باب يفتح ذراعيه ليمسح تعبنا، ينقلنا عبر زمان يتكرر بالدم والصبر، إلى ساحة التائهين داخل السور، نقف، نحمل القلاع، فسيلة زهر بلسمي، نترقب سيدات قلوبنا في اثواب البهجة.
باب الخليل
.. وحملني الطير، يمام غافي على مدخل بوابة الخليل، وعلى حلم بساط الريح، حلقت في فوهات واصص تنام على حجارة الحائط الغربي، طريقي إلى رؤية حرير الروح، فقد نذرت قلبي للشهادة، وهي حياة أخرى لشهيد، سار من بلاطات الشيخ جراح، حاملا تمرة الوداع،
.. وتركنا الحلم، فقد نال منا الصباح، قفزت إلى غيم ملون ينقلك إلى ديار بعيدة، وحدي أقف اتأمل سعاة صلاة الفجر، في ترقبهم الشهادة على مدارج المسجد الاقصى..
الله اكبر.
(الرأي)