facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الدولة العربية القُطرِية: نكوص أم تحلّل؟


د.أحمد بطاح
20-05-2021 01:23 PM

حينما استقلت معظم الدول العربية مع منتصف القرن الماضي نشأت الدولة القطرية متطلعةً إلى تحقيق ثلاث أمانٍ غالية على نفوس أبناء الشعب العربي وهي: الاستقلال، والحرية، والتنمية، بل وكان في طموح بعضها أن تتّوحد مع غيرها من الدول العربية تمهيداً لتأسيس "دولة الأمة" أيّ دولة كبرى تضم جميع أبناء الأمة العربية من المحيط إلى الخليج.

إنّ المتأمل في ظاهرة الدولة العربية القُطرية اليوم يجد أنّها في حالة نكوص، إن لم نقل في حالة تهاوٍ وتحلّل، فعلى صعيد الاستقلال مثلاً باتت كثير من الدول العربية لا تكتفي بالتحالف مع القوى الكبرى التي ما فتئت تعمل ضد آمال الأُمة وتطلعاتها، بل لم تعد تجد حرجاً في مهادنة العدو الأكبر للأمة وهو إسرائيل التي قامت على أنقاض شعب عربي أصيل، وما زالت تحتل أراضي عربية أخرى خارج فلسطين التاريخية ( أعني الجولان السوري )، بل وتشكل تهديداً حقيقياً لكل نهضة عربية في المستقبل، وباختصار فقد انتقلت بعض الدول العربية من وضع الدولة "المُستعمرة" إلى وضع الدولة "التابعة".

وعلى صعيد الحرية فلم تحقق معظم الدول الآنفة الذكر أيّ إنجاز ذي أهمية، بل ما زالت تراوح في سجلات الهيئات العالمية المعنية بالحريات بين وضع "حُرّ جزئياً" و وضع "غير حُرّ"، وقليلة هي الدول العربية التي تجري فيها انتخابات حرة ونزيهة، وفيها قوى معارضة تمارس دورها بدون خوف من الملاحقة بشتى أشكالها، وتغتني حياتها السياسية بتداول حقيقي وسلمي للسلطة، والواقع أن معظم هذه الدول انتقل من وضع الدولة "المستبدة" إلى وضع الدولة "الآخذه بشكليات الديموقراطية".

وعلى صعيد التنمية، وبرغم تفجر ثروات أسطورية (كالنفط) في أرض بعضها فأنّ معظم الدول العربية ما زالت دولاً نامية، وكثير منها (باستثناء معظم دول الخليج العربي) يعاني بشدة من الفقر، والبطالة، وشح المياه، والمديونيات الثقيلة التي تتجاوز 100% من الناتج المحلي الإجمالي، وبعبارة مختصرة فقد انتقلت معظم الدول العربية من وضعية الدولة "المتخلفة" إلى أسفل سلم الدول "النامية".

والأنكى من كل ما سبق أنّ بعض الدول العربية بدأت تفقد سيادتها على أرضها وشعبها، فهل يُعقل أنّ تكون دولة ذات سيادة في حين تقوم فيها بعض الفصائل المسلحة بقصف مطارها وقواعد جيشها؟ وهل تبقى الدولة ذات سيادة إذا كان أحد أحزابها المسلحة قادرة على إدخالها في حرب خارج حدودها دون التشاور مع مؤسساتها الدستورية؟ وهل يتبقى من السيادة شيء إذا لم تعد الدولة تملك السيطرة على كامل أرضها والمسؤولة عن كافة أبناء شعبها؟

وإذا ما ربطنا هذا المتغير الأخير وهو فقدان السيادة بالمتغيرات السابقة وهي الاستقلال، والحرية، والتنمية فهل هناك أيّ معنى أو إمكانية لتحقيق استقلال أو حرية، أو تنمية في ظل فقدان السيادة؟

هل معنى ما سبق أن الدولة العربية القطرية لم تحقق شيئاً منذ استقلالها؟ بالطبع حققت بعض الانجازات وبالذات في مجال الاستقلال والتنمية في بعض الفترات التاريخية، ولكنّ الحقائق تظل قائمة وصادمة وهي أن معظم الأقطار العربية ما زالت تدور في فلك الدول الكبرى بمستوى أو بآخر، وما زالت تمارس سلطوية بغيضة على شعوبها، فضلاً عن أنها لم تفلح في أن توظف إمكانتها وثرواتها لكي تحقق مستوى متقدماً حسب مؤشرات التنمية المتعارف عليها عالمياً.

إنَ من المفروغ منه أنّ أيّة دولة لا تتمتع بإستقلالية قرارها، ولا ينعم شعبها بالحرية، ولا تتقدم في مسار التنمية بصورة معقولة تستحق أنّ تُصنف كدولة "فاشلة"، وبعبارة أخرى فإنّها تفقد مبرّر وجودها، فما قيمة دولة إذا لم تكن مستقلة، وشعبها حُر، وتأخذ طريقها في التقدم والإزدهار؟.

هل هُناك مخرج للدولة العربية القُطرية ( وأنا هنا اتحدث عن ظاهرة ولا اتحدث عن دولة بعينها )! بالطبع هناك مخرج أوحد ووحيد وهو أن تتبنى الدولة القُطرية الديمُوقراطية لكي تعبر عن نبض شعبها، وتكتسب المشروعية ( Legitimacy )، وأن تعمل بدون تأخير على صياغة شكل من أشكال الوحدة مع الأقطار العربية الأخرى، فالعالم اليوم لم يعُد يتسع للكيانات الضعيفة، ولا للكيانات الأتوقراطية!.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :