تقوم إسرائيل بعملية عسكرية معقدة في غزة وتقود حربا شعواء استخدمت فيها كل الأسلحة من طائرات ودبابات ومدفعية وصواريخ مخلفة دمارا شاملا للمنازل والمباني الرسمية والاعلامية وحصدت أرواح المئات وجرحت الآلاف من أبناء قطاع غزة الذين تصدوا لهذا العدوان الآثم بكل قوة وشجاعة وجرأة وصبر منقطع النظير من شعب اعزل لا يملك الا تلك الصواريخ بدائية الصنع ومع ذلك فقد حققوا صمودا شعبيا وتحملا وتضحية بالارواح من المدنيين وأفراد المقاومة على حد سواء.

ان إسرائيل لم تقم بهذه الحرب والعمليات العسكرية مصادفة او عبثا فهي في الوقت الذي تسعى فيه إلى التنكيل بالشعب الفلسطيني وتعريضه إلى الاذى المستمر والقتل إنما تسعى لإيصال الفلسطينيين إلى مرحلة من الاستسلام وهجر الأرض والرحيل عنها وهو هدف استراتيجي معلن وفاضح ولكنها لم تتمكن من إيصال الشعب الفلسطيني إلى مرحلة اليأس بفضل عقيدتهم وصلابتهم وتمسكهم بالمقاومة لحماية أرضهم والبقاء فيها.

وأما الهدف التكتيكي وغير المعلن فإن النتن ياهو الذي كلف بتشكيل الحكومة الإسرائيلية منذ نيسان الماضي اخفق عدة مرات في الوصول إلى تفاهمات وتكتلات مع بعض الاحزاب اليمينية للحصول على أصوات في الكنيست تمكنه من تشكيل الحكومة ولم يبق أمامه الا القيام بهذه العملية العسكرية بغية الحصول على شعبية تؤهله لتشكيل الحكومة.

ولا نعرف إلى أي مدى يمكن أن تساهم هذه العملية في نجاحه خاصة بعد ان واجه مقاومة شرسة من المقاومين في غزة والحاق بعض الخسائر في صفوف الاسرائليين وبعض المنشآت.

الايام القادمة وبعد انتهاء هذه العملية كفيلة بكشف الأهداف والنتائج وما اذا كان النتنياهو قد افلح في تخطيطه وعدوانه وحقق هدفه في إعادة تشكيل الحكومة ليبقى متربعا على عرش المسؤولية وخدمة هذا الكيان العدواني البغيض.